للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ألَسْنا نَرى شَهَواتِ النُّفو … سِ تَفْنى وَتَبْقى عَلَيْنا الذُّنوبُ

يَخافُ عَلى نَفْسِهِ مَنْ يَتوبُ … فَكَيْفَ يَكُنْ حالُ مَنْ لا يَتوبُ (١)

فأَمَّا إذا نَزَلَ المرضُ بالعبدِ؛ فتأخيرُهُ للتَّوبةِ حينئذٍ أقبحُ مِن كلِّ قبيحٍ؛ فإنَّ المرضَ نذيز الموتِ.

ويَنْبَغي لمَن عادَ مريضًا أنْ يُذَكِّرَهُ التَّوبةَ والاستغفارَ، فلا أحْسَنَ مِن ختامِ العملِ بالتَّوبةِ والاستغفارِ: فإنْ كانَ العملُ سيِّئًا؛ كانَ كفَّارةً لهُ، وإنْ كانَ حسنًا؛ كانَ كالطَّابعِ عليه.

وفي حديثِ سيِّدِ الاستغفارِ المخرَّجِ في الصَّحيحِ (٢): أن مَن قالَهُ إذا أصْبَحَ وإذا أمْسى ثمَّ ماتَ مِن يومِهِ أو ليلتِهِ؛ كانَ مِن أهلِ الجنَّةِ.

ولْيُكْثِرْ في مرضِهِ مِن ذكرِ اللهِ، خصوصًا مِن كلمةِ التَّوحيدِ؛ فإنَّهُ مَن كانَتْ آخرَ كلامِهِ دَخَلَ الجنَّةَ.

وفي حديثِ أبي سَعيدٍ وأبي هُرَيْرَةَ: عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ أنَّهُ قالَ: "مَن قالَ في مرضِهِ: لا إلهَ إلَّا اللهُ واللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ لهُ الملكُ ولهُ الحمدُ، لا إلهَ إلَّا اللهُ ولا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ؛ فإنْ ماتَ في مرضِهِ؛ لمْ تَطْعَمْهُ النَّارُ" (٣). خَرَّجَهُ النَّسائِيُّ وابنُ ماجَهْ والتِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ.


(١) في خ وم: "فكيف بحال من لا يتوب"! وفي ط: "فكيف يكون الذي لا يتوب"، والأوّل فاسد عروضيًّا، والثاني سليم لغويًّا وعروضيًّا، لكن أخشى أن يكون لقلم المحقّق فيه دور، وأثبتّ ما في ن لأنّه سليم عروضيًّا وله وجه لغة.
(٢) البخاري (٨٠ - الدعوات، ٢ - أفضل الاستغفار، ١١/ ٩٧/ ٦٣٠٦) من حديث شدّاد بن أوس.
(٣) (صحيح). رواه: عبد بن حميد (٩٤٣ و ٩٤٤)، وابن ماجه (٣٣ - الأدب، ٥٤ - لا إله إلّا الله، ٢/ ١٢٤٦/ ٣٧٩٤)، والترمذي (٤٩ - الدعوات، ٣٧ - ما يقول إذا مرض، ٥/ ٤٩٢/ ٣٤٣٠)، والنسائي في "الكبرى" (٩٨٥٨ و ٩٨٥٩) و "اليوم والليلة" (٣١ و ٣٢)، وأبو يعلى (١٢٥٨ و ٦١٥٣ و ٦١٥٤ و ٦١٦٣)، وابن حبّان (٨٥١)، والطبراني في "الأوسط" (٢٩٨٢) و"الصغير" (٢٣٤)، والدارقطني في "العلل" (١٦٠٣)، والحاكم (١/ ٥)، والبيهقي في "الشعب" (٦٦٣) و"الصفات" (١٨٧)، والرافعي (٣/ ٤٤٢)؛ من طريق أبي إسحاق، عن الأغرّ أبي مسلم، عن أبي هريرة وأبي سعيد … رفعه مطوّلًا ومختصرًا بهذا السياق وبنحوه.
وهذا سند يمكن أن يعلّ بعلل: أولاها تخليط أبي إسحاق، وليس بالقادح، فقد رواه عنه جماعة منهم إسرائيل، وروايته عنه في "صحيح البخاري"، فالظاهر أنّها قديمة. ومنهم أيضًا شعبة، وروايته عنه أمان من =

<<  <   >  >>