للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الآخرةِ (١).

قالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في آخرِ أمرِهِ لا يَقومُ ولا يَقْعُدُ ولا يَذْهَبُ ولا يَجيءُ إلَّا قالَ: "سبحانَ اللهِ وبحمدِه". فذَكَرْتُ ذلكَ لهُ، فقالَ: "إنِّي أُمرْتُ بذلكَ"، وتَلا هذهِ السُّورةَ (٢).

وكانَ مِن عادتِهِ - صلى الله عليه وسلم - أنْ يَعْتكِفَ في كلِّ عامٍ في رمضانَ عشرًا ويَعْرِضَ القرآنَ على جِبْريلَ مرَّةً، فاعْتكَفَ في ذلكَ العامِ عشرينَ يومًا وعَرَضَ القرآنَ مرَّتينِ (٣). وكانَ يَقولُ: "ما أرى ذلكَ إلَّا لاقترابِ أجلي" (٤).

ثمَّ حَجَّ حجَّةَ الوداعِ وقالَ للنَّاسِ: "خُذوا عنِّي مناسكَكُم، فلعلِّي لا ألْقاكُمْ بعدَ عامي هذا"، وطَفِقَ يُوَدِّعُ النَّاسَ. فقالوا: هذهِ حجَّةُ الوداعِ (٥).

ثمَّ رَجَعَ إلى المدينةِ، فخَطَبَ قبلَ وصولِهِ إليها وقالَ: "أيُّها النَّاسُ! إنَّما أنا بشرٌ، يُوشِكُ أنْ يَأْتِيَني رسولُ ربِّي فأُجيبَ"، ثمَّ أمَرَ بالتَّمسُّكِ بكتابِ اللهِ (٦).

ثمَّ تُوُفِّيَ بعدَ وصولهِ إلى المدينةِ بيسيرٍ - صلى الله عليه وسلم -.

إذا كانَ سيِّدُ المحسنينَ يُؤْمَرُ أنْ يَخْتِمَ عمرَهُ بالزِّيادةِ في الإحسان؛ فكيفَ حالُ المسيءِ المفرِّطِ في عمرِهِ بالأماني والنِّسيانِ.

خُذْ في جِدٍّ فَقَدْ تَوَلَّى العُمُرُ … كَمْ ذا التَّفْريطُ قَدْ تَدانى الأمْرُ

أقْبِلْ فَعَسى يُقْبَلُ مِنْكَ العُذْرُ … كَمْ تَبْني كَمْ تَنْقُضُ كَمْ ذا الغَدْرُ

مَرِضَ بعضُ العابدينَ، فوُصِفَ لهُ داوءٌ يَشْرَبُهُ، فأُتِيَ في منامِهِ فقيلَ لهُ: أتَشْرَبُ الدَّواءَ والحورُ العينُ لكَ تُهَيَّأُ؟! فانْتَبَهَ فزعًا، فصَلَّى في ثلاثةِ أيَّامٍ حتَّى انْحَنى صلبُهُ، ثمَّ ماتَ في اليومِ الثَّالثِ.


(١) (حسن صحيح). تقدّم تفصيل القول فيه (ص ٢٤٦).
(٢) (صحيح). تقدّم تفصيل القول فيه (ص ٢٤٧).
(٣) متفق عليه. تقدّم تفصيل القول فيه (ص ٢٤٧).
(٤) جاء هذا في بعض ألفاظ حديث مسارّته - صلى الله عليه وسلم - لابنته فاطمة المتّفق عليه الذي تقدّم (ص ٢٦٠).
(٥) رواه مسلم. تقدّم تفصيل القول فيه (ص ٢٥٠).
(٦) رواه مسلم. تقدّم تفصيل القول فيه (ص ٢٥٠).

<<  <   >  >>