للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقالَ اللهُ سبحانَهُ وتَعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُون لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ. كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا} [المؤمنون: ٩٩ - ١٠٠].

وقالَ تَعالى: {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ. وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المنافقون: ١٠].

وقالَ تَعالى: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} [سبأ: ٥٤]. وفَسَّرَهُ طائفةٌ مِن السَّلفِ - منهُم عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزيزِ - بأَنَّهُم طَلَبوا التَّوبةَ حينَ حيلَ بينَهُم وبينَها.

قالَ الحَسَنُ: اتَّقِ الله يا أبنَ آدَمَ! لا يَجْتَمعُ عليكَ خصلتانِ؛ سكرةُ الموتِ، وحسرةُ الفوتِ.

وقالَ ابنُ السَّمَّاكِ: احْذَرِ السَّكرةَ والحسرةَ؛ أنْ يَفْجَأكَ الموتُ وأنتَ على الغرَّةِ، فلا يَصِفُ واصفٌ قدرَ ما تَلْقى ولا قدرَ ما ترى.

وقالَ الفُضَيْلُ: يَقولُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: ابنَ آدَمَ! إذا كُنْتَ تتقَلَّبُ في نعمتي وأنتَ تتقَلَّبُ في معصيتي؛ فاحْذَرْني لا أصْرَعُكَ بينَ معاصِيَّ.

وفي بعضِ الإسرائيليَّاتِ: ابنَ آدَمَ! احْذَرْ لا يَأْخُذُكَ اللهُ على ذنبٍ فتَلْقاهُ لا حجَّةَ لكَ.

• ماتَ كثيرٌ مِن المصرِّينَ على المعاصي على أقبحِ أحوالِهِم وهُم مباشرونَ للمعاصي، فكانَ ذلكَ خزيًا لهُم في الدُّنيا مع ما صاروا إليهِ مِن عذابِ الآخرةِ. وكثيرًا ما يَقَعُ هذا للمصرِّينَ على الخمرِ المدمنينَ لشربِها، كما قالَ القائلُ (١):


(١) في حاشية خ هنا: "ذكر المصنف رحمه الله في مجلس يوم عرفة قال: روي ابن أبي الدنيا وغيره أن رجلًا رأى في منامه أن الله غفر لأهل الموسم كلّهم إلا رجل من بلخ فسأل عنه حتى وقع عليه، فسأله عن حاله، فذكر أنّه كان مدمنًا لشرب الخمر، فجاء ليله وهو سكران، فعاتبته أُمّه وهي تسجر تنورًا فاحتملها فألقاها فيه حتى احترقت.
قال أبو نصر القصّار: حضر رجل من الصالحين بين يدي ابن عقيل؛ قال: بينما أنا ذات ليلة من الليل وقد أشرق القمر، إذا بعشرة سكاري قد أقبلوا حتّى دنوا من المسجد، فنزلوا نهر عيسى، فتقيّأ بعضهم وغسل بعضهم فمه، فقال بعضهم لبعض: ألا نصلّي؟ فقلت من نفسي: هؤلاء يذكرون الصلاة! فقال أحدهم من يصلّي بنا؟ فتقدم أحدهم واصطف التسعة وراءه على حالهم بلا وضوء، فالتفت عن يمينه فقال استووا لا رضي الله عنكم. ثم التفت عن يساره فقال استوا لا رحمكم الله. ثم كبّر وكبّروا، ثم قرأ: {{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ =

<<  <   >  >>