للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن حُصَيْنٍ؛ قالَ: بَلَغَني أن ملكَ الموتِ إذا غَمَزَ وريدَ الإنسانِ حينئذٍ يَشْخَصُ بصرُهُ ويَذْهَلُ عن النَّاسِ.

وخَرَّجَ ابنُ ماجَهْ حديثَ أبي موسى مرفوعًا؛ [قالَ]: سَألْتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: متى تَنْقَطِعُ معرفةُ العبدِ مِن النَّاسِ؟ قالَ: "إذا عايَنَ" (١). وفي إسنادِهِ مقالٌ، والموقوفُ أشبهُ.

وقد قيلَ: إنَّهُ مُنِعَ مِن (٢) التَّوبةِ حينئذٍ؛ لأنَّهُ إذا انْقَطَعَتْ معرفتُهُ وذَهِلَ عقلُهُ؛ لم يُتَصَوَّرْ منهُ ندمٌ ولا عزمٌ؛ فإنَّ النَّدمَ والعزمَ إنَّما يَصِحُّ معَ حضورِ العقلِ، وهذا (٣) ملازمٌ لمعاينةِ الملائكةِ، كما دَلَّتْ عليهِ هذهِ الأخبارُ (٤).

• وقولُهُ - صلى الله عليه وسلم - في حديثِ ابن عُمَرَ: "ما لمْ يُغَرْغِرْ"؛ يَعْني: ما لمْ تَبْلُغْ روحُهُ عندَ خروجِها منهُ إلى حلقِهِ. فشَبَّهَ تردُّدَها في حلقِ المحتضَرِ بما يَتَغَرْغَرُ بهِ الإنسانُ مِن الماءِ وغيرِهِ ويُرَدِّدُهُ في حلقِهِ.

وإلى ذلكَ الإشارةُ في القرآنِ: بقولِهِ عَزَّ وجَلَّ: {فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ. وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ. وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ}. [الوقعة: ٨٣] وبقولهِ عَزَّ وجَلَّ: {كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ} [القيامة: ٢٦].

ورَوى ابنُ أبي الدُّنيا بإسنادِهِ عن الحَسَنِ؛ قالَ: أشدُّ ما يَكونُ الموتُ على العبدِ إذا بَلَغَتِ الرُّوحُ التَّراقيَ. قالَ: فعندَ ذلكَ يَضْطَرِبُ ويَعْلو نفسُهُ. ثمَّ بَكى الحَسَنُ رَحِمَهُ اللهُ.

عِشْ ما بَدَا لَكَ سالِمًا … في ظِلِّ شاهِقَةِ القُصورِ


(١) (ضعيف جدًّا). رواه: ابن ماجه (٦ - الجنائز، ٥ - المؤمن يؤجر في النزع، ١/ ٤٦٧/ ١٤٥٣)، والخطيب في "تاريخ بغداد" (٨/ ٤٠٨)؛ من طريق نصر بن حمّاد، ثنا موسى بن كردم، عن محمّد بن قيس، عن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبي موسى … رفعه.
قال البوصيري: "ضعيف، نصر بن حمّاد كذّبه ابن معين وغيره وأتّهم بالوضع". قلت: وأتى بموسى بن كردم لا يعرف من هو! فالسند ساقط، وقال الألباني: "ضعيف جدّا".
(٢) في خ: "وقد قيل إنّ ذلك سبب المنع من"، والأولى ما أثبتّه من ن وط.
(٣) يعني: الذهول وانقطاع المعرفة.
(٤) وأولى من ذلك أن يقال: إنّ الله تعالى إنّما أراد من عباده أن يؤمنوا به وبما عنده بالغيب، فإذا أصبح هذا الغيب مشهودًا للعبد عند المعاين؛ لم يعد للإيمان معنى؛ لأنّ جميع الخلق جنّهم وإنسهم كافرهم ومؤمنهم يؤمنون في تلك اللحظة ويقولون: {رَبِّ ارْجِعُونِ. لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ}!

<<  <   >  >>