للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* ومنها: أنَّ اللهَ تَعالى أعادَ الحجَّ على قواعدِ إبْراهيمَ عليهِ السَّلامُ ونَفى الشِّركَ وأهلَهُ فلم يَخْتَلِطْ بالمسلمينَ في ذلكَ الموقفِ منهُم أحدٌ. قالَ الشَّعْبِيُّ: نَزَلَتْ هذهِ الآيةُ على النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وهوَ واقفٌ بعرفةَ حينَ وَقَفَ موقفَ إبْراهيمَ واضْمَحَلَّ الشِّركُ وهُدِّمَتْ منارُ الجاهليَّةِ ولم يَطُفْ بالبيتِ عُريانٌ. وكذا قالَ قَتادَةُ وغيرُهُ. وقد قيلَ: إنَّهُ لم يَنْزِلْ بعدَها تحليلٌ ولا تحريمٌ. قالَهُ أبو بَكْرِ بنُ عَيَّاشٍ.

وأمَّا إتمامُ النِّعمةِ؛ فإنَّما حَصَلَ بالمغفرةِ، فلا تَتِمُّ النِّعمةُ بدونِها، كما قالَ اللهُ لنبيِّهِ - صلى الله عليه وسلم -: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وَما تَأخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطًا مُسْتَقيمًا} [الفتح: ٢]، وقالَ في آيةِ الوضوءِ: {وَلكِنْ يُريدُ لِيُطَهَرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ} [المائدة: ٦]. ومِن هُنا اسْتَنْبَطَ مُحَمَّدُ بنُ كَعْبٍ القُرَظِيُّ أنَّ الوضوءَ يُكَفِّرُ الذُّنوبَ، كما وَرَدَتِ السُّنَّةُ بذلكَ صريحًا. ويَشْهَدُ لهُ أيضًا أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - سَمعَ رجلًا يَدْعو وَيَقولُ: اللهمَّ! إنِّي أسْألُكَ تمامَ النِّعمةِ. فقالَ لهُ: "تمامُ النِّعمةِ النَّجاةُ مِن النَّارِ ودخولُ الجنَّةِ" (١). فهذهِ الآيةُ تَشْهَدُ لِما رُوِيَ في يومِ عرفةَ أنَّهُ يومُ المغفرةِ والعتقِ مِن النَّارِ (٢).

• فيومُ عرفةَ لهُ فضائلُ متعدِّدةٌ:

* منها: أنَّهُ يومُ إكمالِ الدِّينِ وإتمامِ النِّعمةِ.


= فرض الحجّ إلى التاسعة ومن باب أولى على قول من ذهب إلى تقدّم فرض الحجّ قبل ذلك. (١) (حسن). رواه: ابن أبي شيبة (٢٩٣٤٧)، وأحمد (٥/ ٢٣١ و ٢٣٥)، وابن منيع في "مسنده"، وعبد بن حميد (١٠٧ - منتخب)، والبخاري في "الأدب" (٧٢٥)، والترمذي (٤٩ - الدعوات، ٩٤ - باب، ٥/ ٥٤١/ ٣٥٢٧)، والبزّار (٢٦٣٤ و ٢٦٣٥)، وابن أبي حاتم في "العلل" (٢٠٦٣)، والشاشي (١٣٧٥ - ١٣٧٧)، والطبراني في "الكبير" (٢٠/ ٥٥/ ٩٧ - ١٠٠) و"الدعاء" (٢٠٢٠ و ٢٠٢١)، وأبو نعيم في "الحلية" (٦/ ٢٠٤)، والبيهقي في "الصفات" (١٥٨ و ٢٧٠)، والخطيب في "التاريخ" (٣/ ١٢٦)؛ من طرق، عن الجريري، عن أبي الورد، عن اللجلاج، عن معاذ … رفعه.
قال الترمذي: "حديث حسن". وقال أبو نعيم: "حدّث به الأكابر عن الجريري". قلت: منهم الثوري وابن عليّة، فأمنّا بذلك اختلاط الجريري. وأبو الورد: تابعي، روى عنه ثلاثة، وقال ابن سعد: "كان معروفًا قليل الحديث"، وقال أبو حاتم في "علل ابنه" (٩٨١): "روى عنه الجريري أحاديث حسان"، ولم يذكره ابن حبّان في "ثقاته"، مع أنّه على شرطه، لكنّ شهادتي ابن سعد وأبي حاتم أقوى من ذكر ابن حبّان، ولذلك قال الذهبي: "شيخ". فالسند حسن. وإلى تقويته مال أبو حاتم والترمذي وأبو نعيم، وضعّفه الألباني.
(٢) سيأتي بعض هذه النصوص قريبًا.

<<  <   >  >>