للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والزَّكاةُ، وصيامُ رمضانَ، والحجُّ. فأعيادُ عمومِ المسلمينَ في الدُّنيا عندَ إكمالِ دورِ الصَّلاةِ وإكمالِ الصِّيامِ والحجِّ، يَجْتَمِعونَ عندَ ذلكَ اجتماعًا عامًّا. فأمَّا الزَّكاةُ؛ فليسَ لها وقتٌ معيَّنٌ لِيُتَّخَذَ عيدًا، بل كلُّ مَن مَلَكَ نصابًا فحولُهُ بحسبِ ملكِهِ. وأمَّا الشَّهادتانِ؛ فإكمالُهُما يَحْصُلُ بتحقيقِهِما والقيامِ بحقوقِهِما، وخواصُّ المؤمنينَ يَجْتَهِدونَ على ذلكَ في كلِّ وقتٍ، فلذلكَ كانَتْ أوقاتُهُم كلُّها أعيادًا لهُم في الدُّنيا والآخرةِ، كما أنْشَدَ الشِّبْلِي:

عيدي مُقيمٌ وَعيدُ النَّاسِ مُنْصَرِفُ … وَالقَلْبُ مِنِّي عَنِ اللَذَّاتِ مُنْحَرِفُ

وَلي قَرينانِ ما لي مِنْهُما خَلَفٌ … طولُ الحَنينِ وَعَيْنٌ دَمْعُها يَكِفُ

• ولمَّا كانَ عيدُ النَّحرِ أكبرَ العيدينِ وأفضلَهُما، ويَجْتَمعُ فيهِ شرفُ المكانِ والزَّمانِ لأهلِ الموسمِ؛ كانَتْ لهُم فيهِ معَهُ أعيادٌ قبلَهُ وبعدَهُ، فقبلَهُ يومُ عرفةَ وبعدَهُ أيَّامُ التَّشريقِ، وكلُّ هذِهِ الأيَّامِ أعيادٌ لأهلِ الموسمِ، كما في حديثِ عقبةَ بنِ عامرٍ عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ قالَ: "يومُ عرفةَ ويومُ النَّحرِ وأيَّامُ التَّشريقِ عيدُنا أهلَ الإسلامِ، وهيَ أيَّامُ أكلٍ وشربٍ" (١). خَرَّجَهُ أهلُ "السُّننِ" وصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.

ولهذا لا يُشْرَعُ لأهلِ الموسمِ صومُ يومِ عرفةَ؛ لأنَّهُ أوَّلُ أعيادِهِم وأكبرُ مجامعِهِم، وقد أفْطَرَهُ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بعرفةَ والنَّاسُ يَنْطرونَ إليهِ. ورُوِيَ عنة أنَّهُ نَهى عن صومِ يومِ عرفةَ بعرفةَ (٢). ورُوِيَ عن سُفيان بنِ عُيَيْنَةَ أنَّهُ سُئِل عنِ النَّهيِ عن صيامِ يومِ عرفةَ


(١) (صحيح). رواه: ابن أبي شيبة (١٣٣٨٥ و ١٥٢٦٥)، وأحمد (٤/ ١٥٢)، والدارمي (٢/ ٢٣)، وأبو داوود (٨ - الصيام، ٤٩ - صيام أيّام التشريق، ١/ ٧٣٥/ ٢٤١٩)، والترمذي (٦ - الصوم، ٥٩ - صوم أيّام التشريق، ٣/ ١٤٣/ ٧٧٣)، والنسائي في "الكبرى" (٢٨٢٩ و ٣٩٩٥ و ٤١٨١) و "المجتبى" (٢٤ - المناسك، ١٩٥ - النهي عن صوم عرفة، ٥/ ٢٥٢/ ٣٠٠٤)، والروياني (٢٠٠ و ٢٠٣)، وابن خزيمة (٢١٠٠)، والطحاوي (٢/ ٧١)، وابن حبّان (٣٦٠٣)، والطبراني في "الكبير" (١٧/ ٢٩١/ ٨٠٣) و"الأوسط" (٣٢٠٩)، والحاكم (١/ ٤٣٤)، والبيهقي (٤/ ٢٩٨)، وابن عبد البرّ في "التمهيد" (٢١/ ١٦٣، ٢٣/ ٦٩)، والبغوي في "السنّة" (١٧٩٦)؛ من طرق، عن موسى بن علي بن رباح، عن أبيه، عن عقبة بن عامر … رفعه.
وهذا سند رجاله ثقات رجال مسلم. وقد قال الترمذي: "حسن صحيح"، وأقرّه البغوي وابن رجب.
وقال الحاكم: "على شرط مسلم"، وأقرّه الذهبي. وصحّحه ابن خزيمة وابن حبّان والعسقلاني والألباني.
(٢) (ضعيف). رواه: أحمد (٢/ ٣٠٤ و ٤٤٦)، والبخاري في "التاريخ" (٧/ ٤٢٤)، وابن ماجه (٧ _ =

<<  <   >  >>