وأنْشَدَ:
إذا ما كُنْتَ لي عيدًا … فَما أصْنَعُ بِالعيدِ
جَرى حُبُّكَ في قَلْبي … كَجَرْيِ الماءِ في العودِ
وأنْشَدَ:
قالوا غَدَا العيدُ ماذا أنْتَ لابِسُهُ … فَقُلْتُ خِلْعَةَ ساقٍ حُبَّهُ جُرَعا
صَبْرٌ وَفَقْرٌ هُما ثَوْبانِ تَحْتَهُما … قَلْبٌ يَرى إلْفَهُ الأعيادَ وَالجُمُعا
أحْرى المَلابِسِ أنْ تَلْقى الحَبيبَ بهِ … يَوْمَ التَّزاوُرِ في الثَّوْبِ الَّذي خَلَعا
الدَّهْرُ لي مَأْتَمٌ إنْ غِبْتَ يا أمَلي … والعيدُ ما كُنْتَ لي مَرْأًى ومُسْتَمَعا
• وأمَّا أعيادُ المؤمنينَ في الجنَّةِ؛ فهيَ أيَّامُ زيارتِهِم لربِّهِم عَزَّ وجَلَّ، فيَزورونَهُ ويُكْرِمُهُم غايةَ الكرامةِ ويَتَجَلَّى لهُم فيَنْظُرونَ إليهِ، فما أعْطاهُم شيئًا هوَ أحبَّ إليهِم مِن ذلكَ، وهوَ الزِّيادةُ التي قالَ اللهُ فيها: {لِلَّذينَ أحْسَنوا الحُسْنى وَزِيادَهٌ} [يونس: ٢٦].
ليسَ للمحبِّ عيدٌ سوى قربِ محبوبِهِ.
إنَّ يَوْمًا جامِعًا شَمْلي بِهِمْ … ذاكَ عيدٌ لَيْسَ لي عيدٌ سِواهُ
كلُّ يومٍ كانَ للمسلمينَ عيدًا في الدُّنيا؛ فإنَّهُ عيدٌ لهُم في الجنَّةِ؛ يَجْتَمِعونَ فيهِ على زيارةِ ربِّهِم، ويَتَجَلَّى لهُم فيهِ. ويومُ الجمعةِ يُدْعى في الجنَّةِ يومَ المزيدِ؛ ويومُ الفطرِ والأضحى يَجْتَمعُ أهلُ الجنَّةِ فيهِما للزِّيارةِ، ورُوِيَ أنَّهُ يُشارِكُ النِّساءُ الرِّجالَ فيهِما كما كُنَّ يَشْهَدْنَ العيدينِ معَ الرِّجالِ دونَ الجمعةِ. فهذا لعمومِ أهلِ الجنَّةِ. فأمَّا خواصُّهُم؛ فكلُّ يومٍ لهُم عيدٌ يَزورونَ ربَّهُم كلَّ يومٍ مرَّتينِ؛ بكرةً وعشيًّا (١).
الخواصُّ كانَتْ أيَّامُ الدُّنيا كلُّها لهُم أعيادًا فصارَتْ أيَّامُهُم في الآخرةِ [كلُّها]، أعيادًا.
قالَ الحَسَنُ: كلُّ يومٍ لا يُعْصى اللهُ فيهِ فهوَ عيدٌ، كلُّ يومٍ يَقْطَعُهُ المؤمنُ في طاعةِ مولاهُ وذكرِهِ وشكرِهِ فهوَ لهُ عيدٌ.
• أركانُ الإسلامِ التي بُنِيَ الإسلامُ عليها خمسةٌ: الشَّهادتانِ، والصَّلاةُ،
(١) أمّا أنّ يوم الجمعة يوم المزيد؛ فنعم. وأمّا ما سوى ذلك؛ فالآثار فيه لا تصحّ.