للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهوَ الرُّكنُ الثَّالثُ مِن أركانِ الإسلامِ ومبانيهِ، فإذا اسْتكْمَلَ المسلمونَ صيامَ شهرِهِم المفروضَ عليهِم وأسْتَوْجَبوا مِن اللهِ المغفرةَ والعتقَ مِن النَّارِ - فإنَّ صيامَهُ يوجِبُ مغفرةَ ما تَقَدَّمَ مِن الذُّنوبِ، وآخرُهُ عتقٌ مِن النَّارِ يُعْتَقُ فيهِ مِن النَّارِ مَنِ اسْتَحَقَّها بذنوبِهِ - فشَرَعَ اللهُ تَعالى لهُم عقيبَ إكمالِهِم لصيامِهِم عيدًا يَجْتَمِعونَ فيهِ على شكرِ اللهِ وذكرِهِ وتكبيرِهِ على ما هَداهُم لهُ، وشَرَعَ لهُم في ذلكَ العيدِ الصَّلاةَ والصَّدقةَ، وهوَ يومُ. الجوائزِ يَسْتَوْفي الصَّائمونَ فيهِ أجرَ صيامِهِم ويَرْجِعونَ مِن عيدِهِم بالمغفرةِ.

والعيد الثاني: عيدُ النَّحرِ، وهوَ أكبرُ العيدينِ وأفضلُهُما، وهوَ مترتِّبٌ على إكمالِ الحجِّ، وهوَ الرُّكنُ الرَّابعُ مِن أركانِ الإسلامِ ومبانيهِ. فإذا أكْمَلَ المسلمونَ حجَّهُم؛ غُفِرَ لهُم. وإنَّما يَكْمُلُ الحجُّ بيومِ عرفةَ والوقوفِ فيهِ بعرفةَ؛ فإنَّهُ ركنُ الحجِّ الأعظمُ، كما قالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "الحجُّ عرفةُ" (١). ويومُ عرفةَ هوَ يومُ العتقِ مِن النَّارِ، فيُعْتِقُ اللهُ فيهِ مِن النَّارِ مَن وَقَفَ بعرفةَ ومَن لمْ يَقِفْ بها مِن أهلِ الأمصارِ مِن المسلمينَ، فلذلكَ صارَ اليومُ الذي يَليهِ عيدًا لجميعِ المسلمينَ في جميعِ أمصارِهِم، مَن شَهِدَ الموسمَ منهُم ومَن لم يَشْهَدْهُ؛ لاشتراكِهِم في العتقِ والمغفرةِ يومَ عرفةَ. وإنَّما لم يَشْتَرِكِ المسلمونَ كلُّهُم


(١) (صحيح). رواه: الطيالسي (١٣٠٩ و ١٣١٠)، والحميدي (٨٩٩)، وابن أبي شيبة (١٣٦٨١)، وابن سعد (٢/ ١٧٩، ٧/ ٣٦٧)، وأحمد (٤/ ٣٠٩ و ٣١٠ و ٣٣٥)، وعبد بن حميد (٣١٠)، والدارمي (٢/ ٥٩)، والبخاري في "التاريخ" (٢/ ١١١، ٥/ ٢٤٣)، وابن ماجه (٢٥ - المناسك، ٥٧ - من أتى عرفة قبل الفجر، ٢/ ١٠٠٣/ ٣٠١٥)، وأبو داوود (٥ - المناسك، ٦٩ - من لم يدرك عرفة، ١/ ٥٩٩/ ١٩٤٩)، والترمذي (٧ - الحجّ، ٥٧ - من أدرك الإمام بجمع، ٣/ ٢٣٧/ ٨٨٩ و ٢٩٧٥)، وابن أبي عاصم في "الآحاد" (٩٥٧)، والنسائي في "الكبرى" (٤٠١١ و ٤٠٥٠ و ٤١٨٠) و"المجتبى" (٢٤ - المناسك، ٢٠٣ - فرض الوقوف بعرفة، ٥/ ٢٥٦/ ٣٠١٦ و ٣٠٤٤)، وابن الجارود (٤٦٨)، وابن خزيمة (٢٨٢٢)، والطحاوي (٢/ ٢٠٨ - ٢١٠)، وابن قانع (٢/ ١٦٥/ ٦٤٢)، وابن حبّان (٣٨٩٢)، والدارقطني (٢/ ٢٤٠ و ٢٤١) وابن منده في "الأرداف" (ص ٧٣)، والحاكم (١/ ٤٦٣، ٢/ ٢٧٨)، وأبو نعيم في "الحلية" (٧/ ١١٩)، وابن حزم في "المحلّى" (٧/ ١٢١) و، "حجّة الوداع" (١٠٧ و ١١٩ و ١٨٢ و ١٨٣ و ٥٤١)، والبيهقي في "السنن" (٥/ ١١٦ و ١٥٢ و ١٧٣) و "الشعب" (٤٠٦٦)، والخطيب في "الراوي والسامع" (٤٢٧)، والبغوي (٢٠٠١)، والمزّي (١٨/ ٢١)؛ من طريق شعبة تارة والثوري تارة، عن بكير بن عطاء، عن عبد الرحمن بن يعمر … رفعه.
قال ابن عيينة: "هذا أجود حديث رواه الثوري". وقال محمّد بن يحيى: "ما أرى للثوري أشرف منه". وصحّحه الترمذي وابن خزيمة وابن حبّان والحاكم والبغوي والمنذري والذهبي والعسقلاني والألباني.

<<  <   >  >>