للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقالَ حَكيمُ بنُ حِزامٍ: سَمِعْنا يومَ بدرٍ صوتًا وَقَعَ مِن السَّماءِ كأنَّهُ صوتُ حصاةٍ على طستٍ، فرَمى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - تلكَ الرَّميةَ، فانْهَزَمْنا (١).

ولمَّا قَدِمَ الخبرُ على أهلِ مكَّةَ؛ قالوا لمَن أتاهُم بالخبرِ: كيفَ حالُ النَّاسِ؟ قالَ: لا شيءَ! واللهِ؛ إنْ كانَ إلَّا أنْ لَقِيْناهُم فمَنَحْناهُم أكتافَنا يَقْتُلونَنا ويَأْسِروننا كيفَ شاؤوا! وايْمُ اللهِ؛ معَ ذلكَ ما لُمْتُ النَّاسَ، لَقِينا رجالًا على خيلٍ بلقٍ بينَ السَّماءِ والأرضِ ما يَقومُ لها شيءٌ.

وقتَلَ اللهُ صناديدَ كفَّارِ قريشٍ يومئذٍ، منهُم عُتْبَةُ بنُ رَبيعَةَ وشَيْبَةُ والوَليدُ بنُ عُتْبَةَ وأبو جَهْلٍ وغيرُهُم، وأسَروا منهُم سبعينَ.

وقصَّةُ بدرٍ يَطولُ استقصاؤُها، وهيَ مشهورةٌ في التفسيرِ وكتبِ الصِّحاحِ والسُّننِ والمسانيدِ والمغازي والتَّواريخِ وغيرِها. وإنَّما المقصودُ [ها] هُنا التَّشبيهُ على بعضِ مقاصدِها.

وكانَ عدوُّ اللهِ إبْليسُ قد جاءَ إلى المشركينَ في صورةِ سُراقَةَ بن مالكٍ، وكانَتْ يدُهُ في يدِ الحارثِ بن هشامٍ، وجَعَلَ يُشَجِّعُهُم ويَعِدُهُم ويُمَنِّيهِم، فلمَّا رَأى الملائكةَ؛ هَرَبَ وألْقى نفسَهُ في البحرِ (٢).


= وجاء رميه - صلى الله عليه وسلم - قبضة من التراب يوم بدر عند: الطبراني (٤/ ١٧٤/ ٤٠٥٦) من حديث أبي أيوّب بسند ضعيف وإن حسّنه الهيثمي. و"الأوسط" (٥٤٩٨) من حديث ابن عبّاس بسند واه. و"الأوسط" (٩١١٧) من حديث أبي هريرة بسند ساقط. والطبري في "التفسير" (١٥٨٣٠ - ١٥٨٤١) مرسلًا عن جماعة من التابعين.
والمتن المذكور حسن إن شاء الله باجتماع حديثي حكيم وابن عبّاس، ويزداد قوّة بالأوجه المختصرة والمجملة، وإلى تقويته مال ابن كثير والهيثمي.
(١) (حسن لشواهده). رواه: الواقدي في "المغازي" (١/ ٩٥)، والطبري في "التفسير" (١٥٨٣٥)، وابن أبي حاتم (٥/ ١٦٧٢/ ٨٩٠٦)، والطبراني في "الكبير" (٣/ ٢٠٣/ ٣١٢٧) و"الأوسط" (٩٠٩٣)، وابن مردويه (الأنفال ١٧ - الدرّ المنثور)؛ من طرق، عن موسى بن يعقوب الزمعي، عن يزيد بن عبد الله، عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة، عن حكيم … رفعه. قال الهيثمي (٦/ ٨٧): "إسناده حسن". قلت: موسى يخطئ، ويزيد بن عبد الله هو ابن وهب عمّ موسى فيه جهالة.
وله شاهد من حديث جابر بن عبد الله عند أبي الشيخ وابن مردويه فيما ذكره السيوطي في "الدرّ"، فأرجو أنّه حسن به فإن ضعفه يسير.
(٢) جاء هذا مسندًا ومرسلًا من أوجه يقوّي بعضها بعضًا. وانظر "الدر المنثور" (الأنفال ٤٨).

<<  <   >  >>