للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي "سنن أبي داورد" مِن حديثِ عَبْدِ اللهِ بن عَمْرٍو؛ قالَ: خَرَجَ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يومَ بَدْرٍ في ثلاثِ مئةٍ وخمسةَ عشرَ مِن المقاتلةِ كما خَرَجَ طالوتُ، فدَعا لهُم رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حينَ خَرَجوا فقال: "اللهمَّ! إنَّهُم حفاةٌ فاحْمِلْهُم، وإنَّهُم عراةٌ فأكْسُهُم، وإنَّهُم جياعٌ فأشْبِعْهُمْ". ففَتَحَ اللهُ يومَ بدرٍ، فانْقَلَبوا حينَ انْقَلَبوا وما فيهِم رجلٌ إلَّا وقد رَجَعَ بجملٍ أو جملينِ واكْتَسَوا وشَبِعوا (١).

وكانَ أصحابُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حينَ خَرَجوا على غايةٍ مِن قلَّةِ الظَّهرِ والزَّادِ؛ فإنَّهُم لم يَخْرُجوا مستعدِّينَ لحرب ولا لقتالٍ، وإنَّما خَرَجوا لطلبِ العيرِ، وكانَ معَهُم نحوُ سبعينَ بعيرًا يَعْتَقِبونَها بينَهُم، كلُّ ثلاثةٍ على بعيرٍ، وكانَ للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - زميلانِ، وكانوا يَعْتَقِبونَ على بعيرٍ واحدٍ، فكانَ زميلاهُ يَقولانِ لهُ: يا رسول اللهِ! ارْكَبْ حتَّى نَمْشِيَ عنكَ، فيَقولُ: "ما أنتُما بأقوى على المشيِ منِّي ولا أنا [بـ]ــــأغنى عن الأجرِ منكُما" (٢). ولم يَكُنْ معَهُم إلَّا فرسانِ، وقيلَ ثلاثةٌ، وقيلَ فرسٌ واحدٌ للمِقدادِ.

وبَلَغَ المشركينَ خروجُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لطلبِ العيرِ، فأخَذَ أبو سُفْيانَ بالعيرِ نحوَ السَّاحلِ، وبَعَثَ إلى أهلِ مَكَّةَ يُخْبِرُهُمُ الخبرَ ويَطْلُبُ منهُم أنْ يَنْفِروا لحمايةِ عيرِهِم، فخَرَجوا مستصرخينَ، وخَرَجَ أشرافُهُم ورؤساؤُهُم وساروا نحوَ بدرٍ.


= البراء. ووقع في خ: "وما جاوزه"، وما أثبته من م و ن و ط أولى بالسياق.
(١) (لا بأس به). رواه: ابن سعد في "الطبقات" (٢/ ٢٠)، وأبو داورد (٩ - الجهاد، ١٥٥ - نفل السريّة، ٢/ ٨٨/ ٢٧٤٧)، والحاكم (٢/ ١٣٢ و ١٤٥)، والبيهقي (٦/ ٣٠٥، ٩/ ٥٧)؛ من طريق حييّ بن عبد الله، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن ابن عمرو … رفعه.
قال الحاكم: "على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي، مع أنّهما لم يخرّجا لحييّ، وفي حديثه نوع لين، لكن لا بأس به في الرقائق والمغازي، ولا سيّما أنّه يشهد لأوّله ما قبله، ويشهد لآخره الأحاديث الصحيحة الكثيرة في مبالغته - صلى الله عليه وسلم - في الدعاء والابتهال لأصحابه يوم بدر، وقد حسّنه العسقلاني والألباني.
(٢) (حسن). رواه: الطيالسي (٣٥٤)، وابن سعد (٢/ ٢١)، وأحمد (١/ ٤١١ و ٤١٨ و ٤٢٢ و ٤٢٤)، والبزّار (١٧٥٩ - كشف)، والنسائي في "الكبرى" (٨٨٠٧)، وأبو يعلى (٥٣٥٩)، والشاشي (٦٣٩)، وابن حبّان (٤٧٣٣)، والحاكم (٢/ ٩١، ٣/ ٢٠)، وأبو نعيم في "الحلية" (٦/ ٢٥٤)، والبيهقي (٥/ ٢٥٨)، والبغوي في "السنّة" (٢٦٨٦)؛ من طريق حمّاد بن سلمة، عن عاصم، عن زرّ، عن ابن مسعود … رفعه.
قال البزّار: "لا نعلم رواه عن عاصم عن زرّ عن عبد الله إلّا حمّاد". وصحّحه الحاكم والذهبي. وقال الهيثمي في "المجمع" (٦/ ٧٢): "فيه عاصم بن بهدلة، وحديثه حسن، وبقيّة رجال أحمد رجال الصحيح".

<<  <   >  >>