للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خَرَجَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لطلبِ عيرٍ [لِـ]ـــقُرَيْشٍ قَدِمَتْ مِن الشَّامِ إلى المدينةِ في يومِ السَّبتِ لاثنتي عشرةَ ليلةً خَلَتْ مِن رمضانَ وأفْطَرَ - صلى الله عليه وسلم - في خروجِهِ إليها.

قالَ ابنُ المُسَيَّبِ: قالَ عُمَرُ: غَزَوْنا معَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - غزوتينِ في رمضانَ يومَ بدرٍ ويومَ الفتحِ وأفْطَرْنا فيهِما (١).

وكانَ سببُ خروجِهِ حاجةَ أصحابِهِ، خصوصًا المهاجرونَ، {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحشر: ٨].

وكانَتْ هذهِ العيرُ فيها أموالٌ كثيرةٌ لأعدائِهِمُ الكفَّارِ الذينَ أخْرَجوهُم مِن ديارِهِم وأموالِهِم ظلمًا وعدوانًا، كما قالَ تَعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (٣٩) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ} [الحج: ٣٩، ٤٠]، فقَصَدَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنْ يَأخُذَ أموالَ هؤلاءِ الكفَّارِ الظَّالمينَ المعتدينَ على أولياءِ اللهِ وحزبِهِ وجندِهِ، فيَرُدَّها على أولياءِ اللهِ وحزبِهِ المظلومينَ المخرَجينَ مِن ديارِهِم وأموالِهِم لِيَتَقَوَّوا بها على عبادةِ اللهِ وطاعتِهِ وجهادِ أعدائِهِ. وهذا منَا أحَلَّهُ اللهُ لهذهِ الأمَّةِ؛ فإنَّهُ أحَلَّ لهُمُ الغنائمَ، ولم تَحِلَّ لأحدٍ قبلَهُم.

وكانَ عدَّةُ مَن معَهُ ثلاثَ مئةٍ وبضعةَ عشرَ، وكانوا على عدَّةِ أصحابِ طالوتَ الذينَ جازوا معَهُ النَّهرَ، وما جازَهُ معَهُ إلَّا مؤمنٌ (٢).


(١) (حسن). يرويه عبد الله بن لهيعة واختلف عليه فيه على وجهين: روى الأوّل منهما: أحمد (١/ ٢٢)، والبزّار (٢٩٦)؛ من طريقين، عنه، ثنا بكير بن عبد الله، عن ابن المسيّب، عن عمر … به. وروى الثاني: ابن سعد (٢/ ٢١)، وأحمد (١/ ٢٢)، والترمذي (٦ - الصوم، ٢٠ - الرخصة للمحارب في الإفطار، ٣/ ٩٣/ ٧١٤)، والفريابي في "الصيام" (٩١)؛ من طريق قتيبة بن سعيد وحسن بن موسى، عنه، ثنا يزيد بن أبي حبيب، عن معمر بن أبي حييّة، عن ابن المسيّب، عن عمر … به. والراجح هنا الوجه الثاني؛ لأنّ رواية قتيبة عن ابن لهيعة جيّدة. وبقيّة السند ثقات. وابن المسيّب سمع من عمر. فالسند لا بأس به.
وقد جاء إفطار الصحابة في إحدى الغزوات عند البخاري (١٩٤٥)، وإفطاره - صلى الله عليه وسلم - مع أصحابه في غزوة الفتح عند مسلم (١١٢٠). واتّفق أهل السير على أنّ غزوة بدر كانت في رمضان، لكن لم أقف على ذكر الإفطار فيها إلّا من وجه واه عند ابن سعد (٢/ ٢١).
(٢) رواه البخاري (٦٤ - المغازي، ٦ - عدّة أصحاب بدر، ٧/ ٢٩٠/ ٣٩٥٧ - ٣٩٥٩) من حديث =

<<  <   >  >>