للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* والمعنى الثَّاني: الفصلُ بينَ صيامِ الفرضِ والنَّفلِ؛ فإن جنسَ الفصلِ بينَ الفرائضِ والنَّوافلِ مشروعٌ:

ولهذا حَرُمَ صيامُ يومِ العيدِ.

ونهى النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنْ توصَلَ صلاةٌ مفروضةٌ بصلاة حتَّى يُفْصَلَ بينَهُما بسلامٍ أو كلامٍ (١)، وخصوصًا سنَّةَ الفجرِ قبلَها؛ فإنَّهُ يُشْرَعُ الفصلُ بينَها وبينَ الفريضةِ، ولهذا يُشْرَعُ صلاتُها في البيتِ والاضطجاعُ بعدَها.

ولمَّا رَأى النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - رجلًا يُصَلِّي وقد أُقيمَتْ صلاةُ الفجرِ؛ قالَ لهُ: "الصُّبحَ أربعًا" (٢).

وفي "المسند"؛ أنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "افْصِلوا بينَها وبينَ المكتوبةِ ولا تَجْعَلوها كصلاةِ الظُّهرِ" (٣).

وفي "سنن أبي داوود"؛ أن رجلًا صَلَّى معَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فلمَّا سَلَّمَ قامَ يَشْفَعُ، فوَثَبَ إليهِ عُمَرُ، فأخَذَ بمنكبيهِ فهَزَّهُ ثمَّ قالَ: اجْلِسْ؛ فإنَّهُ لمْ يَهْلِكْ أهلُ الكتاب إلَّا أنَّهُ لم يَكُنْ لصلاتِهِم فصلٌ. فَرَفَعَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بصرَهُ فقالَ: "أصابَ اللهُ بكَ يا ابنَ الخَطَّابِ" (٤).


= لرؤيته فإن غمّ عليكم فأكملوا العدّة"؛ أي: غمّ عليكم في صومكم أو فطركم، وبقيّة الأحاديث تدلّ عليه، فاللام في قوله - صلى الله عليه وسلم - "فأكملوا العدّة" للشهر؛ أي: عدّة الشهر، ولم يخصّ - صلى الله عليه وسلم - شهرًا دون شهر بالإكمال إذا غمّ، فلا فرق بين شعبان وغيره في ذلك … ويؤيّد ذلك قوله في الرواية الأخرى "فإن حال بينكم وبينه سحاب فأكملوا العدّة ثلاثين ولا تستقبلوا الشهر استقبالًا" أخرجه أحمد وأصحاب السنن وابن خزيمة وأبو يعلى … " إلخ. نقله العسقلاني في "الفتح" (٤/ ١٢٢) منتصرًا به منتصرًا له. والله أعلم.
(١) رواه مسلم (٧ - الجمعة، ١٨ - الصلاة بعد الجمعة، ٢/ ٦٠١/ ٨٨٣) من حديث معاوية.
(٢) رواه: البخاري (١٠ - الأذان، ٣٨ - إذا أُقيمت الصلاة، ٢/ ١٤٨/ ٦٦٣)، ومسلم (٦ - المسافرين، ٩ - كراهة الشروع في نافلة بعد المؤذّن، ١/ ٤٩٣/ ٧١١)؛ من حديث ابن بحينة.
(٣) (صحيح). رواه: أحمد (٥/ ٣٤٥)، والبخاري في "التاريخ" (١/ ٤٥)، والطحاوي في "شرح المعاني" (١/ ٣٧٣)، وخيثمة في "حديثه" (ص ٢٠١)، وابن منده في "الصحابة" (١/ ١٩٥ - غابة)، والحاكم (٣/ ٤٣٠)، والخطيب في "الكفاية" (ص ٢٥١)، وأبو موسى المديني في "الصحابة" (١/ ١٩٥ - غابة)؛ من طريقين، عن محمّد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن عبد الله بن مالك بن بحينة … رفعه.
وإحدى الطريقين إلى ابن ثوبان قويّة، وابن ثوبان ثقة من رجال الستّة، وأصل الحديث عند البخاري ومسلم باللفظ المتقدّم، وسند هذا اللفظ صحيح أيضًا.
(٤) (صحيح بلفظ أصاب ابن الخطاب أو أحسن ابن الخطّاب). يرويه الأزرق بن قيس واختلف عليه =

<<  <   >  >>