للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمَرَهُ أنْ يَصومَ ثلاثةَ أيَّامٍ مِن كلِّ شهرٍ. فقالَ [لهُ]: إنِّي أقوى على أكثرَ مِن ذلكَ. قالَ: "فصُمْ مِن الجمعةِ [يومَ] الاثنينِ والخميسِ". قالَ: إنِّي أقوى على أكثرَ مِن ذلكَ. قالَ: "فصُمْ صيامَ داوودَ" (١).

وفي "مسند الإمام أحْمَدَ" مِن روايةِ: عُثْمانَ بن رُشَيْدٍ، حَدَّثَني أنَسُ بنُ سِيرِينَ؛ قالَ: أتَيْنا أنَسَ بنَ مالِكٍ في يومِ خميسٍ، فدَعا بمائدتِهِ، فدَعاهُم إلى الغداءِ، فأكَلَ بعضُ القومِ وأمْسَكَ بعضٌ. ثمَّ أتَوْهُ يومَ خميسٍ، ففَعَلَ مثلَها. فقالَ أنَسٌ: لعلَّكُم أثنائيُّونَ، لعلَّكُم خميسيُّونَ، كان رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَصومُ حتَّى يُقالَ لا يُفْطِرُ، ويُفْطِرُ حتَّى يُقالَ لا يَصومُ (٢).

وظاهرُ هذا الحديثِ يُخالِفُ حديثَ أُسامَةَ وأنَّ (٣) النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إنَّما كانَ يَصومُ الاثنينِ والخميسَ إذا دَخَلا في صيامِهِ ولمْ يَكُنْ يَتَحَرَّى صيامَهُما في أيَّامِ سردِ فطرِهِ. ولكنَّ عُثْمانَ بنَ رُشَيْدٍ ضعيفٌ، ضَعفَهُ ابنُ مَعينٍ وغيرُهُ، وحديثُ أُسامَةَ أصحُّ منهُ.

وقد رُوِيَ مِن حديثِ أُمَّ سَلَمَةَ أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يَصومُ مِن كل شهرٍ ثلاثةَ أيَّامٍ؛ أوَّلَ خميسٍ والاثنينِ والاثنينِ (٤). وفي روايةٍ بالعكسِ: الاثنينِ والخميسَ والخميسَ (٥).


(١) (صحيح). رواه: أحمد (٢/ ٢٠٠ و ٢٠١)، والنسائي في "المجتبى" (٢٢ - الصيام، ٧٦ - صوم يوم وإفطار يوم، ٤/ ٢١١/ ٢٣٩٢) و"الكبرى" (٢٧٠١)؛ من طريق ابن إسحاق، عن محمّد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن ابن عمرو … رفعه. وهذا سند رجاله ثقات، لكنّ ابن إسحاق عنعن على تدليسه.
على أنّه يشهد له في الجملة أنّه جاء في بعض سياقات الحديث عند أحمد (٢/ ٢١٦) بسند صالح: "فما زلت أناقصه ويناقصني".
فلا معنى لتضعيف هذه الزيادة بعنعنة ابن إسحاق، وإلى تقويتها مال العسقلاني، واستنكر الألباني الحديث لزيادة أخرى فيه وأمّا هذه فليست موضع استنكار. وأصل الحديث في الصحيحين كما تقدّم مرارًا.
(٢) (ضعيف بهذا التمام). رواه: أحمد (٣/ ٢٣٠)، والطبراني في "الأوسط" (٣/ ٢٣٠)؛ من طريق عثمان بن رشيد، عن أنس بن سيرين، عن أنس … به.
قال ابن رجب والهيثمي (٣/ ١٩٥): "فيه عثمان بن رشيد الثقفي وهو ضعيف". قلت: الضعف لازم للقصّة جملة، وأمّا المرفوع؛ فيشهد له حديث عائشة المتّفق عليه المتقدّم في أوّل المجلس.
(٣) يعني: وظاهره أيضًا أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - … إلخ.
(٤) (ضعيف). تقدّم تفصيل القول فيه (ص ١٢٨ - ١٣٠).
(٥) (ضعيف). تقدّم تفصيل القول فيه (ص ١٢٨ - ١٣٠).

<<  <   >  >>