للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا عرضٌ خاصٌ في هذينِ اليومينِ غيرُ العرضِ العامِّ كلَّ يومٍ؛ فإنَّ ذلكَ عرضٌ دائمٌ كلَّ يومٍ بكرةً وعشيًّا.

ويَدُلُّ على ذلكَ ما في الصَّحيحينِ (١): عن أبي هُرَيْرَةَ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ قالَ: "يَتَعاقَبونَ فيكُم ملائكةٌ بالليلِ وملائكةٌ بالنَّهارِ، فيَجْتَمِعونَ في صلاةِ الصُّبحِ وفي صلاةِ العصرِ، فيَسْألُ الذينَ باتوا فيكُم - وهوَ أعْلَمُ -: كيفَ تَرَكْتُم عبادي؟ فيَقولونَ: أتَيْناهُم وهُم يُصَلُّونَ، وتَرَكْناهُم وهُم يُصلُّونَ".

وفي "صحيح مسلم" (٢): عن أبي موسى الأشْعَرِيِّ؛ قالَ: قامَ فينا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بخمسِ كلماتٍ، فقالَ: "إنَّ الله لا يَنامُ، ولا يَنْبَغي لهُ أنْ يَنامَ، يَخْفِضُ القسطَ ويَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إليهِ عملُ الليلِ قبلَ النَّهارِ، وعملُ النَّهارِ قبلَ الليلِ، حجابُهُ النُّورُ، لو كَشَفَهُ؛ لأحْرَقَتْ سُبُحاتُ وجهِهِ ما انْتَهى إليهِ بصرُهُ مِن خلقِهِ".

ويُرْوى عن ابن مَسْعودٍ؛ قالَ: إن مقدارَ كلِّ يومٍ مِن أيَّامِكُم عندَ ربَكُم ثنتا عشرةَ ساعةً، فتُعْرَضُ عليهِ أعمالُكُم بالأمسِ أوَّلَ النَّهارِ اليومَ، فيَنْظُرُ فيها ثلاثَ ساعاتٍ … وذَكَرَ باقيَهُ.

كانَ الضَّحَّاكُ يَبْكي آخرَ النَّهارِ ويَقولُ: لا أدْري ما رُفعَ مِن عملي.

يا مَن عملُهُ معروضٌ على مَن يَعْلَمُ السِّرَّ وأخْفى، لا تُبَهْرِجْ؛ فالنَّاقدُ بصيرٌ.

السُّقْمُ عَلى الجِسْمِ لَهُ تَرْدادُ … والعُمْرُ مَضى وَزَلَّتي تَزْدادُ

ما أبْعَدَ شُقَتي وما لِيَ … ما أكْثَرَ بَهْرَجي ولي نُقَّادُ

وحديثُ أُسامَةَ فيهِ أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ إذا سَرَدَ الفطرَ؛ يَصومُ الاثنينِ والخميسَ (٣).

فدَلَّ على مواظبةِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - على صيامِهِما، وقد كانَ أُسامَةُ يَصومُهُما حضرًا وسفرًا لهذا.

وفي "مسند الإمام أحْمَدَ" و "سنن النَّسائِي": عن عَبْدِ اللهِ بن عَمْرٍو؛ أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -


(١) البخاري (٩ - المواقيت، ١٦ - فضل العصر، ٢/ ٣٣/ ٥٥٥)، ومسلم (٥ - المساجد، ٣٧ - فضل الصبح والعصر، ١/ ٤٣٩/ ٦٣٢).
(٢) (١ - الإيمان، ٧٩ - قوله - صلى الله عليه وسلم - إنّ الله لا ينام، ١/ ١٦١/ ١٧٩).
(٣) (صحيح). تقدّم تفصيل القول فيه (ص ٢٩٣).

<<  <   >  >>