للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكذلكَ مَنِ اتَّجَرَ في شيءٍ فلمْ يَرْبَحْ فيهِ ثلاثَ مرَّاتٍ؛ فإنَّهُ يَتَحَوَّلُ عنهُ. رُوِيَ ذلكَ عن عُمَرَ بن الخَطَّابِ. فإنْ بورِكَ لهُ في شيءٍ؛ فلا يَتَغَيَّرُ عنهُ. ففي "المسند" و"سنن ابن ماجه" عن عائِشَةَ مرفوعًا: "إذا كانَ لأحدِكُم رزقٌ في شيءٍ؛ فلا يَدَعْهُ حتَّى يَتَغَيَّرَ لهُ أو يَتَنَكَّرَ لهُ" (١).

* وأمَّا تخصيصُ الشُّؤمِ بزمانٍ دونَ زمانٍ - كشهرِ صَفَرَ أو غيرِهِ -؛ فغيرُ صحيحٍ، وإنَّما الزَّمانُ كلُّهُ خلقُ اللهِ تَعالى، وفيهِ تَقَعُ أفعالُ بني آدَمَ. فكلُّ زمانٍ شَغَلَهُ المؤمنُ بطاعةِ اللهِ فهوَ زمانٌ مبارَكٌ عليهِ، وكلُّ زمانٍ شَغَلَهُ العبدُ بمعصيةِ اللهِ فهوَ مشؤومٌ عليهِ.

فالشُّؤمُ في الحقيقةِ هوَ معصيةُ اللهِ تَعالى: كما قالَ ابنُ مَسْعودٍ: إنْ كانَ الشُّؤمُ في شيءٍ؛ ففيما بينَ اللحيينِ؛ يَعْني: اللسانَ. وقالَ: ما مِن شيءٍ أحوجَ إلى طولِ سجنٍ مِن لسانٍ. وقالَ عَدِيُّ بنُ حاتِمٍ: أيمنُ امْرئ وأشأمُهُ بينَ لحييهِ؛ يَعْني: لسانَهُ.

وفي "سننِ أبي داوودَ" (٢): عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ قالَ: "حسنُ المَلَكَةِ نَماءٌ، وسوءُ المَلَكَةِ شؤمٌ، والبرُّ زيادةٌ في العمرِ، والصَّدقةُ تَمْنَعُ ميتةَ السُّوءِ" (٣). فجَعَلَ سوءَ المَلَكَةِ


(١) (ضعيف). رواه: أحمد (٦/ ٢٤٦)، والبخاري في "التاريخ" (٨/ ٨٥)، وابن ماجه (١٢ - تجارات، ٤ - إذا قسم للرجل رزق، ٢/ ٧٢٧/ ٢١٤٨)، والبيهقي في "الشعب" (١٢٤٣ و ١٢٤٤)، والمزّي في "التهذيب" (٩/ ٣١٣)؛ عن طريق مخلد بن الضحّاك، ثني الزبير بن عبيد، عن نافع، عن عائشة … رفعته. قال البوصيري: "فيه مقال … مخلد بن الضحّاك مختلف فيه … والزبير بن عبيد قال الذهبي مجهول وذكره ابن حبّان في الثقات". وقال البخاري: "نافع ليس مولى ابن عمر"، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا. قلت: فهذه علل ثلاث: مخلد قصاراه أن يكون صالحًا في المتابعات، والزبير ونافع مجهولان، فالسند واه.
وله شاهد عند: ابن ماجه (الموضع السابق، ٢/ ٧٢٦/ ٢١٤٧)، والبيهقي في "الشعب" (١٢٤١ و ١٢٤٢)، والمزّي في "التهذيب" (٩/ ٣١٤)؛ عن طريق فروة بن يونس الكلابي، عن هلال بن جبير، عن أنس … رفعه بنحوه. وفروة قصاراه أن يكون مقبولًا في المتابعات، وهلال بن جبير مجهول شكّك ابن حبّان في سماعه من أنس. وبهذا أعلّه البوصيري. والسند واه.
ولا يرتقي الحديث بمجموع وجهيه إلى الحسن، وقد ضعفه البوصيري والألباني.
(٢) هذا لفظ أحمد في "المسند"، وليس هو عند أبي داوود بهذا التمام.
(٣) (ضعيف جدًّا). رواه: معمر في "الجامع" (٢٠١١٨)، وابن معين في "التاريخ" (١٢٠٤ - دوري)، وأحمد (٣/ ٥٠٢)، وابن زنجويه في "الأموال" (١٣١٢)، والبخاري في "التاريخ" (٣/ ٣٠٢)، وأبو داوود (٣٥ - الأدب، ١٣٣ - حقّ المملوك، ٢/ ٧٦٣/ ٥١٦٢)، وابن أبي عاصم في "الآحاد" (٢٥٦٢)، وأبو يعلى (١٥٤٤)، والطبراني (٥/ ١٧/ ٤٤٥١)، والقضاعي (٩٧ و ٢٤٤ و ٢٤٥)، والبيهقي في "الشعب" (٨٠١٩ =

<<  <   >  >>