للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فرُوِيَ عن عائِشَةَ؛ أنَّها أنْكَرَتْ هذا الحديثَ أنْ يَكونَ مِن كلامِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وقالَتْ: إنَّما قالَ: "كانَ أهلُ الجاهليَّةِ يَقولونَ ذلكَ" (١). خَرَّجَهُ الإمامُ أحْمَدُ.

وقالَ مَعْمَرٌ: سَمِعْتُ مَن يُفَسِّرُ هذا الحديثَ؛ يَقولونَ: شؤمُ المرأةِ إذا كانَتْ غيرَ وَلودٍ، وشؤمُ الفرسِ إذا لمْ يُغْزَ عليهِ في سبيلِ اللهِ، وشؤمُ الدَّارِ جارُ السُّوءِ. ويُرْوى هذا المعنى مرفوعًا مِن وجوهٍ لا تَصِحُّ (٢).

ومنهُم مَن قالَ: قد رُوِيَ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ قالَ: "لا شؤمَ، وإنْ يَكُنِ اليُمْنُ في شيءٍ؟ ففي ثلاثةٍ (فذَكَرَ هذهِ الثَّلاثةَ) " (٣). وقالَ: هذهِ الرِّوايةُ أشبهُ بأُصولِ الشَّرعِ. كذا


(١) (لا بأس به). رواه: إسحاق (١٣٦٥)، وأحمد (٦/ ١٥٠ و ٢٤٠ و ٢٤٦)، وابن قتيبة في "مختلف الحديث" (ص ١٠٥)، وابن خزيمة (٦/ ٦١ - فتح)، والطحاوي في "المعاني" (٤/ ٣١٤) و"المشكل" (٣/ ٣٤١)، والحاكم (٢/ ٤٧٩)، والبيهقي (٨/ ١٤٠)، وابن عبد البرّ (٩/ ٢٨٨)؛ من طريقين قويّتين، عن قتادة، عن أبي حسّان؛ أنّ رجلين دخلا على عائشة … فذكره في قصّة. وصحّحه ابن خزيمة والحاكم والذهبي وإلى ذلك مال العسقلاني فيما يبدو، مع أنّ ظاهره الإرسال، وعلم التاريخ لا يدعم سماع أبي حسّان من عائشة بما يكفي للجزم باتّصاله.
لكن رواه الطيالسي (١٥٣٧): ثنا محمّد بن راشد، عن مكحول، عن عائشة … بنحوه. قال العسقلاني: "ومكحول لم يسمع من عائشة، فهو منقطع".
قلت: فالأوّل راجح الانقطاع، والثاني منقطع، لكنّ أحدهما بصري والآخر شاميّ، فأرجو أنّ أحدهما صالح لتقوية الآخر وتحسينه. والله أعلى وأعلم.
(٢) (منكر). رواه حفص بن سالم السمرقندي أبو مقاتل، عن أبي حنيفة - كما في "مسنده" (ص ١٥٣) -، عن علقمة بن مرثد، عن ابن بريدة، عن أبيه … رفعه. ورواه عبد الله بن الزبير عن أبي حنيفة فأرسله. ورواه أبو يوسف عن أبي حنيفة فلم يجاوز به علقمة. فإذا علمت أنّ أبا مقاتل هذا متّهم متروك؛ بان لك أنّ هذا التأويل من كلام أبي حنيفة أو علقمة بن مرثد ثمّ ركّب له هذا المخذول إسنادًا ورفعه إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -.
وروى الطبراني (٢٤/ ١٥٣/ ٣٩٥) عن أسماء بنت عميس؛ قالت: قال - صلى الله عليه وسلم -: "إنّ من شقاء المرء في الدنيا ثلاثة سوء الدار وسوء المرأة وسوء الدابّة". قالت: يا رسول الله! ما سوء الدار؟ قال: "ضيق ساحتها وخبث جيرانها". قيل: فما سوء الدابّة؟ قال: "منعها ظهرها وسوء ضلعها". قيل: فما سوء المرأة؟ قال: "عقم رحمها وسوء خلقها". قال الهيثمي (٥/ ١٠٨): "فيه من لم أعرفهم". قلت: وليس فيه ذكر للشؤم.
(٣) (منكر). رواه: سعيد بن منصور في "السنن" (٢٩٩٦)، وابن ماجه (٩ - النكاح، ٥٥ - اليمن والشؤم، ١/ ٦٤٢/ ١٩٩٣)، والترمذي (٤٤ - الأدب، ٥٨ - ما جاء في الشؤم، ٥/ ١٢٧/ ٢٨٢٤)، والطحاوي في "المشكل" (٣/ ٣٤١)، والطبراني (٢٠/ ٣٣٦/ ٧٩٦)، وابن عبد البرّ في "التمهيد" (٩/ ٢٧٩)، والعسقلاني في "التهذيب" (٢/ ٣٨٨) تعليقًا؛ من طريق سليمان بن سليم الكلبي، عن يحيى بن جابر، عن معاوية بن حكيم (وجاء مرّة: حكيم بن معاوية)، عن عمّه (ومرّة: عن أبيه) حكيم بن معاوية (ومرّة: مخمر بن معاوية، ومرّة: =

<<  <   >  >>