للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أجسادِها يومَ القيامةِ" (١).

• وأمَّا قولُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "ولا صَفَرَ فاخْتُلِفَ في تفسيرِهِ:

* فقالَ كثيرٌ مِن المتقدِّمينَ: الصَّفرُ داءٌ في البطنِ، يُقالُ: إنَّهُ دودٌ كبارٌ كالحيَّاتِ، وكانوا يَعْتَقِدونَ أنَّهُ يُعْدِي، فنَفى ذلكَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -. وممَّن قالَ هذا مِن العلماءِ ابنُ عُيَيْنَةَ والإمامُ أحْمَدُ وغيرُهُما. ولكنْ لو كانَ كذلكَ؛ لكانَ هذا داخلًا في قولِهِ "لا عدوى"، وقد يُقالُ: هوَ مِن بابِ عطفِ الخاصِّ على العامِّ، وخَصَّهُ بالذِّكرِ لاشتهارِهِ عندَهُم


(١) (صحيح). رواه: مالك في "الموطأ" (١/ ٢٤٠)، وابن المبارك في "الجهاد" (٢٠٢)، وعبد الرزّاق في "المصنّف" (٩٥٥٦) و"التفسير" (٤٨٤)، والحميدي (٨٧٣)، وسعيد بن منصور (٢٥٦٠)، وأحمد (٣/ ٤٥٥ و ٤٥٦ و ٤٦٠)، وعبد بن حميد (٣٧٦)، والبخاري في "التاريخ" (٥/ ٣٠٥ و ٣٠٦)، وابن ماجه (٦ - الجنائز، ٤ - ما يقال عند المريض، ١/ ٤٦٦/ ١٤٤٩، ٢/ ١٤٢٨/ ٤٢٧١)، والترمذي (٢٣ - فضل الجهاد، ١٣ - ثواب الشهداء، ٤/ ١٧٦/ ١٦٤١)، والنسائي (٢١ - الجنائز، ١١٧ - أرواح المؤمنين، ٤/ ١٠٨/ ٢٠٧٢)، وابن حبّان (٤٦٥٧)، والطبراني (١٩/ ٦٣/ ١١٩ - ١٢٥)، والآجري في "الشريعة" (٩٣٨)، وأبو نعيم في "الحلية" (٩/ ١٥٦)، والبيهقي في "البعث" (٢٠٢ و ٢٠٣ و ٢٠٥)، وابن عبد البرّ في "التمهيد" (١١/ ٦٠)؛ من طرق كثيرة، عن الزهريّ، عن ابن كعب بن مالك، عن أبيه … رفعه.
ويمكن أن يشار هنا إلى علل أربع: أولاها: أنّ الثقات الأثبات اختلفوا على الزهريّ في ابن كعب بن مالك: فأبهمه بعضهم، وصرّح آخرون بأنّه عبد الرحمن بن كعب، وآخرون بأنّه عبد الله بن كعب، وجماعة بأنّه عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب، والثلاثة ثقات أثبات، ولا يبعد أنّ الزهريّ سمعه منهم جميعًا، لكن عبد الله أرسله، وعبد الرحمن بن عبد الله عن كعب منقطع. فإن كان لا بدّ من الترجيح؛ فالراجح عبد الرحمن بن كعب، لأنّه قول عشرة من الثقات. وخلاصة الكلام أنّ هذه العلّة غير قادحة. والثانية: أنّهم اختلفوا في الحديث وصلًا وإرسالًا، ولا يضرّ؛ لأنّ الواصلين أوثق وأكثر فالقول قولهم. والثالثة: أنّ الثقات الأثبات رووا هذا الحديث فجعلوه من مسند كعب، وخالفهم محمّد بن إسحاق فجعله من مسند أمّ مبشّر الأنصاريّة، فروايته شاذّة والمحفوظ الأوّل. والرابعة: أنّ معمرًا وابن عيينة وافقا الجماعة فرويا الحديث بلفظ الترجمة مرّة، وروياه مرّة بلفظ "أرواح الشهداء في طير … " إلخ، فروايتهما شاذّة والمحفوظ رواية الجماعة.
ثمّ للحديث بلفظ الترجمة شواهد منها: حديث أمّ هانئ عند: أحمد (٦/ ٤٢٤)، والطبراني (٢٤/ ٤٣٨ / ١٠٧٢، ٢٥/ ١٣٦/ ٣٣٠)؛ بسند ضعيف. وحديث ابن عمرو عند الطبراني في "الكبير" (٢/ ٣٣٢ - مجمع) بسند فيه مجهول. وحديث أبي هريرة عند: عبد الرزّاق (٦٧٠٣)، وابن أبي شيبة (١٢٠٦١)، وهنّاد في "الزهد" (٣٤٥)، والطبري (٢٠٧٦١)، والطبراني في "الأوسط" (٢٦٥١)، والحاكم (١/ ٣٧٩ و ٣٨٠)، والبيهقي في "الاعتقاد" (ص ٢٢٠)؛ بسند قوّاه الحاكم والذهبي والهيثمي.
فإن لم يكن حديث كعب بن مالك صحيحًا لذاته؛ فإنّه صحيح بشواهده المذكورة. وقد صحّحه ابن حبّان، وقال الترمذي: "حسن صحيح"، وأقرّه المنذري وابن كثير والهيثمي والألباني.

<<  <   >  >>