للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كالنَّهارِ، بل يُسْتَعاذُ منهُ وإنْ كانَ مقمرًا.

وخَرَّجَ الطَّبَرانِيُّ مِن حديثِ جابِرٍ مرفوعًا: "لا تَسُبُّوا الليلَ ولا النَّهارَ ولا الشَّمسَ ولا القمرَ ولا الرِّيحَ؛ فإنَّها رحمةٌ لقومٍ وعذابٌ لآخرينَ" (١).

ومثلُ اشتدادِ الرَّياحِ؛ فإنَّ الرِّيحَ كما قالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِن رَوْحِ اللهِ؛ تَأْتي بالرَّحمةِ وتَأْتي بالعذابِ (٢). وأمَرَ إذا اشْتَدَّتِ الرِّيحُ أنْ يُسْألَ اللهُ خيرَها وخيرَ ما أُرْسِلَتْ بهِ ويُسْتَعاذَ بهِ مِن شرِّها وشرِّ ما أُرْسِلَتْ بهِ (٣).

وقد كانَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا رَأى ريحًا أو غيمًا؛ تَغَيَّرَ وجهُهُ وأقْبَلَ وأدْبَرَ، فإذا مَطَرَتْ؛ سُرِّيَ عنهُ، ويَقولُ: "قدْ عُذِّبَ قومٌ بالرِّيحِ، ورَأى قومٌ السَّحابَ فقالوا: {هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} [الأحقاف: ٢٤] " (٤).


(١) (ضعيف). رواه: الطبراني في "الأوسط" (٤٦٩٥ و ٦٧٩١) من طريق [الوليد بن الوليد]، ثنا سعيد بن بشير، عن أبي الزبير، عن جابر … رفعه. قال الهيثمي (٨/ ٧٤): "فيه سعيد بن بشير وثّقه جماعة وضعّفه جماعة وبقيّة رجاله ثقات". قلت: لم يتنبّه رحمه الله للوليد بن الوليد لأنّه سقط من أحد إسنادي "الأوسط" فأوهم سلامته، والوليد متروك متّهم.
ورواه أبو يعلى (٢١٩٤): ثنا سفيان، ثنا أبي، عن محمّد بن أبي ليلى، عن أبي الزبير، عن جابر … رفعه. قال الهيثمي: "إسناد ضعيف". قلت: أولى علله: أنّ ابن أبي ليلى سيّئ الحفظ جدًّا. والثانية: أنّ سفيان بن وكيع ساقط الحديث. والثالثة: أنّه خولف فرواه ابن أبي شيبة (٢٦٣٠١): ثنا علي بن هاشم، عن محمّد بن أبي ليلى، عن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى … به مرسلًا. وعلي صدوق فالقول قوله.
فالطريق الأولى فيها متروك، والثانية مرسلة ضعيفة، والحديث ضعيف.
(٢) (صحيح). رواه: معمر في "الجامع" (٢٠٠٠٤)، والشافعي في "الأمّ" (١/ ٢٥٣)، وابن أبي شيبة (٢٩٢٠٩)، وأحمد (٢/ ٢٥٠ و ٢٦٨ و ٤٠٩ و ٤٣٧ و ٥١٨)، والبخاري في "الأدب المفرد" (٧٢٠ و ٩٠٦)، وابن ماجه (٣٣ - الأدب، ٢٩ - النهي عن سب الريح، ٢/ ١٢٢٨/ ٣٧٢٧)، وأبو داوود (٣٥ - الأدب، ١٠٤ - ما يقول إذا هاجت الريح، ٢/ ٧٤٧/ ٥٠٩٧)، والنسائي في "اليوم والليلة" (٩٣٦ - ٩٣٨)، وأبو يعلى (٦١٤٢)، وابن حبان (١٠٠٧ و ٥٧٣٢)، والطبراني في "الدعاء" (٩٧١ - ٩٧٦)، وأبو الشيخ في "العظمة" (٨١٦)، والحاكم (٤/ ٢٨٥)، والبيهقي (٣/ ٣٦١)، والبغوي (١١٥٣)؛ من طرق، عن الزهري، عن ثابت الزرقي (وجاء مرة: عمرو بن سليم الزرقي)، عن أبي هريرة … به.
وهذا سند صحيح، رجاله ثقات، والتردد بين ثابت وعمرو تردد بين ثقتين، فلا يضر، والظاهر أنّ الزهري رواه عنهما. وقد صحّحه الحاكم والمنذري والنووي والذهبي والعسقلاني والألباني.
(٣) رواه: البخاري (٥٩ - الخلق، ٥ - وهو الذي يرسل الرياح، ٦/ ٣٠٠/ ٣٢٠٦)، ومسلم (٩ - الاستسقاء، ٣ - التعوّذ عند رؤية الريح، ٢/ ٦١٦/ ٨٩٩)؛ من حديث عائشة. واللفظ لمسلم.
(٤) أحد ألفاظ الصحيحين للحديث المتقدّم قبله.

<<  <   >  >>