للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مختلفون في مطالبته بقضاء ما فاته من صلوات وواجبات حال ردَّته وكفره، على قولين:

الأول: أنه يطالب بالقضاء، وهو قول الأكثرين؛ لأنه يختلف عن الكافر الأصلي، فقد دخل الإسلام وخالط المسلمين، لكن لم يخالط الإيمان بشاشة قلبه؛ فخرج وارتد عن الإسلام، فينبغي أن يعاقب، وأن يطالب بقضاء تلك الصلوات (١).

الثاني: أنه لا يطالب بالقضاء، وأنه لا يختلف حاله عن الكافر الأصلي، لأن القصد أن يرد إلى ربقة الإسلام ويعود إليه، فربما لو طُولب بما فاته من واجبات؛ لظلَّ على ردته (٢).


(١) وهو مذهب الشافعية والحنابلة:
فللشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (١/ ٣١٢) قال: "إلا المرتد فيلزمه قضاؤها بعد إسلامه تغليظًا عليه، ولأنه التزمها بالإسلام فلا تسقط عنه بالجحود كحق الآدمي، ولو ارتدَّ ثم جُنَّ قضى أيام الجنون مع ما قبلها تغليظًا عليه … ولو سكر متعديًا ثم جُنَّ قضى المدة التي ينتهي إليها سكره لا مدة جنونه بعدها، بخلاف مدة جنون المرتد؛ لأن مَن جُنَّ في ردته مرتد في جنونه حكمًا، ومن جُنَّ في سكره ليس سكران في دوام جنونه".
وللحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (١/ ٢٢٣) قال: "ولا تجب الخمس على مرتد زمن ردته كالكافر الأصلي، ولا تصح الصلاة منه لفقد شرطها وهو الإسلام، ويقضي المرتد إذا عاد إلى الإسلام ما فاته قبل ردته؛ لاستقراره في ذمته، ولا يقضي ما فاته زمنها، أي: زمن ردته لعدم وجوبه عليه كالأصلي".
(٢) وهو مذهب الحنفية والمالكية:
فللحنفية، يُنظر: "الدر المختار" للحصكفي وحاشية ابن عابدين (٢/ ٧٥) قال: "كما لا يقضي مرتد ما فاته زمنها، ولا ما قبلها إلا الحج؛ لأنه بالردة يصير كالكافر الأصلي، ولذا يلزم بإعادة فرض أداه ثم ارتد عقبه وتاب، أي: أسلم في الوقت؛ لأنه حبط بالردة".
وللمالكية، يُنظر: "الإشراف على نكت مسائل الخلاف" للقاضي عبد الوهاب (١/ ٢٧٣) قال: "إذا أسلم المرتد لم يلزمه قضاء ما ترك من الصلاة والصوم في حال ردته … ولأنها حال كفر فلم يقض ما ترك فيها من الصلاة كالكفر الأصلي، ولأن كل معنى أثر في سقوط قضاء الفوائت فإنه إذا زال ثم عاد، فإن زواله ثانية يسقط=

<<  <  ج: ص:  >  >>