للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العِوَضِ (١). ٤ - وَأَمَّا مَا يُمْكِنُهُ دَفْعُ العِوَضِ، وَلَا يَلْزَمُهُ، فَهُوَ بِالخِيَارِ بَيْنَ المُحَاصَّةِ، وَالإِمْسَاكِ، وَذَلِكَ هُوَ إِذَا كَانَ العِوَضُ عَيْنًا).

إنسانٌ رابعٌ باعَ سلعةً فأفلس المبتاع؛ أيْ: المشتري، فالبائع أحق بها بلا شكٍّ؛ لأنها عنده لم يسلمها للمفلس، لكن له أن يسلمها، فلو سلمها كان أسوة الغرماء، وله أن يقول: أنا أحق بها، وهذه مسألة ليس فيها خلاف.

قَوْله: (٥ - وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ إِلَيْهِ تَعْجِيلُ العِوَضِ مِثْلُ أَنْ يُفْلِسَ المُسْلِمُ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ رَأْسَ المَالِ، وَقَبْلَ أن يَحِلَّ أَجَلُ السَّلَمِ، فَإِنْ رَضِيَ المُسْلَمُ إِلَيْهِ أَنْ يُعَجِّلَ العُرُوضَ، وَيُحَاصِصَ الغُرَمَاءَ بِرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ، فَذَلِكَ جَائِزٌ إِنْ رَضِيَ بِذَلِكَ الغُرَمَاءُ).

مثال هذه المسألة: إنسانٌ أسلمَ، والمعلوم أنَّ ربَّ السلم يدفع رأس مال السلم مقدمًا، لكنَّ هذا لم يدفع، والمُسْلَم إليه أعدَّ العروض (السلعة المطلوبة)، هل له أن يدفعها؟ هذا تنازل منه؛ لأنَّه أحق بها، ولأنَّه ما أخذ مقابلها، هذا هو مُرَاد المؤلف.

قَوْله: (فَإِنْ أَبَى ذَلِكَ أَحَدُ الغُرَمَاءِ حَاصَّ الغُرَمَاءَ بِرَأْسِ المَالِ الوَاجِبِ لَهُ فِيمَا وُجِدَ لِلْغَرِيمِ مِنْ مَالٍ، وَفي العُرُوضِ الَّتِي عَلَيْهِ إِذَا حَلَّتْ؛ لِأَنَّهَا مِنْ مَالِ الفَلَسِ، وَإنْ شَاؤُوا أَن يَبِيعُوهَا بِالنَّقْدِ، وَيَتَحَاصُّوا فِيهَا كَانَ ذَلِكَ لَهُمْ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنَ الحُقُوقِ الوَاجِبَةِ عَنْ غَيْرِ عِوَضٍ


(١) يُنظر: "المقدمات الممهدات" لابن رشد (٢/ ٣٣٠) حيث قال: "وأما ما يمكنه دفع العوض، ويلزمه كرأس مال السلم إذا فلس المسلم إليه قبل دفع رأس المال، ففي كتاب ابن المواز يلزمه أن يدفعه، ويحاص به الغرماء، ولا يكون أحق به، إذْ ليس برَهْنٍ، وهذا على قول أشهب في "المدونة": إنه لا سبيل له على العيش وهو فيه أسوة الغرماء".

<<  <  ج: ص:  >  >>