للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَقَالَ مَالِكٌ: "يُخَالِعُ الأَبُ عَلَى ابْنَتِهِ الصَّغِيرَةِ كَمَا يُنْكِحُهَا") (١).

فالإمام مالكٌ وكذلك الإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه قد قاسَا مخالعةَ الأب ابنته الصغيرة على إنكاحه إيَّاها، فقالا: إنه يجوز له أن يخالعها كما يجوز له أن يُنكِحَها، وقد سَبَقَ في باب النكاح أن الأيِّمَ أحقّ بنفسها من وليِّها، وأن البِكر تُستَأمَر وأن إذنها صُماتُها، وذَكَرْنَا قصة المرأة التي اشتكت للرسول - صلى الله عليه وسلم - أن أباها زَوَّجَها لابن أخيه كي يَرفَعَ بها خسيسَتَه، فَخَيَّرَها الرسول - صلى الله عليه وسلم - في ذلك فرَضيَت به، وقالت: "أَرَدْتُ أن أُبَيِّنَ ما للنساء مِن حقوق".

* قوله: (وَكَذَلِكَ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ يُطَلِّقُ عَلَيْهِ).

وكذلك يرى الإمام مالكٌ والإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه أن الأب له أن يُطلِّق على ابنه الصغير إذا رأى المصلحة في ذلك، وأن يخالِع عنه، وخالَفهم الجمهور في ذلك القول - وهم الأحناف والشافعية والرواية الأخرى عن أحمد - فقالوا: ليس له ذلك، واستدلُّوا على عدم الجواز بحديث: "الطلاق لمن أخذ بالساق" (٢)، وهو حديثٌ فيه كلامٌ ونقاشٌ (٣)،


(١) يُنظر: "التاج والإكليل" للمواق (٤/ ٢١) حيث قال: "للأب أن يخالع عن ابنته الصغيرة بإسقاط كل المهر وإن خالع به عنها بعد البناء قبل بلوغها جاز عليها وله أن يزوجها قبل بلوغها كالبكر".
(٢) أخرجه ابن ماجه (٢٠٤١) وحسنه الألباني في "إرواء الغليل" (٧/ ١٠٨).
(٣) فقالوا: إن الطلاق إزالة ملك يقف على شهوات النفوس لا يراعى فيه الأصلح والأولى؛ لأنه قد يطلق العفيفة والجميلة ويمسك الفاجرة القبيحة فلم يجز أن يراعى فيه شهوة غير المالك؛ لأن تصرف الولي في حقِّ غيره يعتبر فيه المصلحة دون الشهوة فلذلك لم يكن للولي أن يطلق على المولى عليه وجاز أن يبيع ماله عليه اعتبارًا بالمصلحة فيه ينظر: "الحاوي الكبير" (٩/ ١٣٢)، و"المغني"، لابن قدامة (٧/ ٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>