للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النِّصَابُ فِي السَّرِقَةِ عِنْدَهُ وقال ابْنُ شُبْرُمَةَ (١): هُوَ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّهُ النِّصَابُ عِنْدَهُ أَيْضًا فِي السَّرِقَةِ).

الأقوال في هذه المسألة كثيرة لكنها بحاجة إلى دليل، فمنهم من قال: لا يقل المهر عن خمسين درهمًا، ومنهم من قال: عن أربعين وعن عشرين، وسعيد بن المسيب زوَّج ابنته بدرهمين، وقال: "لو أصدقها سوطًا لكفاها".

قوله: (وَقَدِ احْتَجَّتِ الْحَنَفِيَّةُ لِكَوْنِ الصَّدَاقِ مُحَدَّدًا بِهَذَا الْقَدْرِ بِحَدِيثٍ يَرْوُونَهُ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ - عليه الصلاة والسلام - أَنَّهُ قَالَ: "لَا مَهْرَ بِأَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ" (٢)).

هذا الحديث لو صحَّ لرفع النزاع؛ لأن (لا) نافية للجنس، و (مهر) نكرة، والنكرة في سياق النفي تعم (٣)، "لا مهر أقل"، وفي رواية: "بأقل من عشرة دراهم"، هذا مما يتمسك به الحنفية، لكنه حديث ضعيف، وما دام أنه حديث ضعيف فلا يصلح أن يكون حجة؛ ولذا فلا ينبغي أن يُعارض به الدليل الصحيح المتفق عليه الذي تمسك به الشافعية والحنابلة ومن معهم.

قوله: (وَلَوْ كَانَ هذا ثَابِتًا لَكَانَ رَافِعًا لِمَوْضِعِ الْخِلَافِ؛ لِأنَّهُ كَانَ يَجِبُ لِمَوْضِعِ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ يُحْمَلَ حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَلَى الْخُصُوصِ، وَلَكِنَّ حَدِيثَ جَابِرٍ هَذَا ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ، فَإِنَّهُ


(١) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٥/ ٤١١)؛ حيث قال: "وقال ابن شبرمة أقل المهر خمسة دراهم".
(٢) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٣٩٣) عن علي - رضي الله عنه - قال: "لا يكون مهر أقل من عشرة دراهم". وقال الألباني في "إرواء الغليل" (١٨٦٦): "موضوع".
(٣) يُنظر: "المحصول" للرازي (٢/ ٥٦٣)؛ حيث قال: "النكرة في سياق النفي تعم".
وانظر: "روضة الناظر" لابن قدامة (ص ٢٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>