للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: (وَقَاسَ المَشْكُوكَةَ عَلَى المَرْجُوَّةِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الاسْتِثْنَاءَ مُتَّصِلٌ، وَلَكِنَّ اسْتِثْنَاءَ هَذَا الصِّنْفِ مِنَ المَوْقُوذَةِ بِالقِيَاسِ، وَذَلِكَ أَنَّ الذَّكَاةَ إِنَّمَا يَجِبُ أَنْ تَعْمَلَ فِي حِينِ يُقْطَعُ أَنَّهَا سَبَبُ المَوْتِ، فَأَمَّا إِذَا شُكَّ هَلْ كَانَ مُوجِبُ المَوْتِ الذَّكَاةَ أَوِ الوَقْذَ أَوِ النَّطْحَ أَوْ سَائِرَهَا، فَلَا يَجِبُ أَنْ تَعْمَلَ فِي ذَلِكَ، وَهَذِهِ هِيَ حَالُ المَنْفُوذَةِ المَقَاتِلِ، وَلَهُ أَنْ يَقُولَ: إِنَّ المَنْفُوذَةَ المَقَاتِلِ فِي حُكْمِ المَيْتَةِ، وَالذَّكَاةُ مِنْ شَرْطِهَا أَنْ تَرْفَعَ الحَيَاةَ الثَّابِتَةَ لَا الحَيَاةَ الذَّاهِبَةَ، المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: وَأَمَّا هَلْ تَعْمَلُ الذَّكَاةُ فِي الحَيَوَانَاتِ المُحَرَّمَاتِ الأكْلِ حَتَّى تَطْهُرَ بِذَلِكَ جُلُودُهُمْ؟ فَإِنَّهُمْ أَيْضًا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ؛ فَقَالَ مَالِكٌ (١): الذَّكَاةُ تَعْمَلُ فِي السِّبَاعِ وَغَيْرِهَا مَا عَدَا الخِنْزِيرَ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (٢)، إِلَّا أَنَّهُ اخْتَلَفَ المَذْهَبُ فِي كَوْنِ السِّبَاعِ فِيهِ مُحَرَّمَةً أَوْ مَكْرُوهَةً عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي كتَابِ الأطْعِمَةِ وَالأَشْرِبَةِ (٣)).

اختلفت الرواية عن مالك - رحمه الله - في جلود الميتة إذا دبغت (٤):

فالظاهر من الروايتين: أنها لا تطهر (٥)، ولكنها تستعمل في الأشياء


(١) يُنظر: "حاشية الدسوقي" (١/ ٥٤)؛ حيث قال في الأعيان النجسة: " (وجلد) إذا لم يدبغ بل (ولو دبغ) فلا يؤثر دبغه طهارة في ظاهره ولا باطنه … (ورخص فيه)؛ أي: في جلد الميتة (مطلقًا) سواء كان من جلد مباح الأكل أو محرمه (إلا من خنزير) فلا يرخص فيه مطلقًا ذكي أم لا؛ لأن الذكاة لا تعمل فيه إجماعًا فكذا الدباغ عدى المشهور".
(٢) يُنظر: "تبيين الحقائق"، للزيلعي (١ - ٢٥ - ٢٦)؛ حيث قال: " (وكل إهاب دبغ فقد طهر) … إلا جلد الخنزير والآدمي) ".
(٣) عند قول المصنف: "وأما المحرمات لعينها المختلف فيها فأربعة: أحدها: لحوم السباع من الطير ومن ذوات الأربع".
(٤) دبغ فلان إهابه يدبغه ويدبغه دبغًا ودباغة ودباغًا، وفي الحديث: "دباغها طهورها".
والدباغ أيضًا: ما يدبغ به. انظر: "الصحاح"، للجوهري (٤/ ١٣١٨).
(٥) تقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>