للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومع ذلك فقد أثر أيضًا "عن عبد اللَّه بن عمر وعن أبيه -رضي اللَّه عنهما- أنهما يريان الغسل" (١)؛ كما ذهب إلى ذلك الجمهور.

* قوله: (وَعُمْدَةُ الْجُمْهُورِ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُبَيْرٍ: "أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ اخْتَلَفَا بِالْأَبْوَاءِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأَسَهُ، وَقَالَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ: لَا يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ، قَالَ: فَأَرْسَلَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ إِلَى أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصارِيِّ قَالَ: فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ وَهُوَ مُسْتَتِرٌ بِثَوْبٍ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرٍ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ أَسْأَلُكَ كيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَوَضَعَ أَبُو أَيُّوبَ يَدَهُ عَلَى الثَّوْبِ فَتَطَأْطَأَ حَتَّى بَدَا لِي رَأْسُهُ ثُمَّ قَالَ لِإِنْسَانٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَفْعَلُ").

وحجة الجمهور إلى ما ذهبوا إليه من جواز غسل رأس المحرم: ما رواه مالك (٢) عن عبد اللَّه بن جبير أن عبد اللَّه بن عباس وهو ابن عم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، والمسور بن مخرمة، وهو أيضًا صحابي إذ حصل بينهما خلاف في: هل يغسل المحرم رأسه لغير الجنابة أم لا؟ فقال ابن عباس: يغسل رأسه، وقال المسور: لا يغسل رأسه، فأرادا أن يحكم في ذلك أبو أيوب الأنصاري لعلمهما بأنه يعلم شيئًا عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فبعثا إليه ابن جبير فسأله أبو أيوب. فقال ابن جبير: أرسلني إليك ابن عباس، قال: فوجدته يغتسل بين القرنين وهو وضع شيء مقابل شيء، ولف عليهما ثوبًا ليستره وهو


(١) أخرجه الشافعي في "الأم" (٢/ ٢٢٥)، عن عكرمة عن ابن عباس قال: ربما قال لي عمر: (تعال أماقلك في الماء أينا أطول نفسًا، ونحن محرمان). وقال الألباني: إسناده صحيح على شرط الشيخين. انظر: "إرواء الغليل" (١٠٢١).
(٢) أخرجه مالك في "الموطأ" (٩٠١)، وأخرجه البخاري (١٨٤٠)، ومسلم (٢٨٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>