للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيضًا العاملة؛ هذ، فمفهوم المخالفة: ما يأتي على عكس الظاهر، فهناك منطوق ومفهوم، والمفهوم يعتبر مفهوم موافقة، وهذا لا خلاف فيه.

كقوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا} فالضرب أيضًا مفهوم، لكنه مفهوم موافقة، بل هو أولى من المنصوص عليه في الآية، فإذا كان لا يجوز للولد أن يتأفف فى وجه والديه، بل لا يقول لهما (أفّ)، ولا يُظهِر لهما التضجر والجزع؛ لأن تضجر الولد وتألمه يؤلم والديه؛ لأنهما يتأثران لأثره، يفرحان بفرحه، ويتألمان لألمه، فلا يقول عندهما: أفّ، ولا يُظهِر الضَّجر أمامهما، فما بالك إذا تأفف في وجوههما، أو خاصمهما، أو تجرأ عليهما، كما نرى في هذا الزمان، يرفع الولد صوته على أبيه، وعلى أمِّه -نسأل اللَّه العافية-، وربما تجاوز ذلك إلى أن يطلق لسانه في سبابهما، وفي شتمهما، وما بالك بمَن يضربهما؟

إذن هنا مفهوم الموافقة يسمَّى (مفهوم الأولى)؛ لأن مفهوم الموافقة فيه مفهوم أولى، الذي هو كالضرب؛ ومفهوم مساوٍ، ومفهوم أدنى، ثم يأتي مفهوم المخالفة الذي يسميه المؤلف هنا بدليل الخطاب؛ أي: الذي يفهم من فحوى الخطاب ودليله.

* قوله: (أَمَّا حَدِيثُ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيِّ عَنِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: "قَدْ عَفَوْتُ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ).

هذا الحديث جاء مطولًا كما هنا، وجاء في حديث آخر من طريق عليّ أيضًا عند الترمذي -وهو صحيح-: "قد عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق"، هذا حديث صحيح، لكن هذه الزيادات، وهذا الحديث الطويل هو الذي فيه الخلاف، أمَّا أوله في أحاديث أُخرى فهو صحيح.

يعني: ليس كلُّ ما في الحديث ضعيف، لا؛ ففي العبارات الأولى: "هاتوا صدقة"، "عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق"، هذه مرت في أحاديث متفق عليها، أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ليس على المسلم في عبده

<<  <  ج: ص:  >  >>