للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما حضَّنا (١) اللَّه سبحانه وتعالى على فعله مما لم يفرض علينا برجع ثوابه وجزاؤه في النهاية إلينا، فاللَّه سبحانه وتعالى لا يُصيع أجر من أحسن عملًا، وهو سبحانه وتعالى مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، إذن كل ما نعمله من أعمال الخير؛ سواء كانت واجبة أو مستحبة، وكل ما نتقرَّب به إلى اللَّه سبحانه وتعالى، حتى في أمور معاملاتنا فاللَّه سبحانه وتعالى سيجزبنا عليه الجزاء الأوفى، فما تنفق من نفقة تبتغي بها وجه اللَّه إلا أُجِرت عليها، حتى اللقمة في فيِّ جائع (٢)، ورُبَّ قتيل بين صفين اللَّه أعلم بنيَّته (٣)، فمتى أخلص المرء نيته للَّه سبحانه وتعالى، وقصد بعمله وجه اللَّه تعالى والدار الآخرة، فبلا شك أنه سيظفر بالنعيم المقيم، وهذا هو الذي يسعى إليه المؤمن في هذه الحياة، وفي يوم الجمعة فليتنافس المتنافسون، لما فيه من الفضائل العظيمة، والثواب العظيم، وفيه ساعة لا يدركها عبد مسلم يسأل اللَّه سبحانه وتعالى إلا آتاه سُؤلَه (٤).

قال المصنف رحمه اللَّه تعالى: (الثَّانِيَةُ: عَلَى مَنْ تَجِبُ مِمَّنْ خَارِجَ المِصْرِ. الثَّالِثَةُ: فِي وَقْتِ الرَّوَاحِ المُرَغَّبِ فِيهِ إِلَى الجُمُعَةِ.


(١) حضَّ يَحُض حَضًا، وهو الحَث على الخير. انظر: "تهذيب اللغة"، للأزهري (٣/ ٢٥٦).
(٢) أخرج البخاري (٣٩٣٦)، ومسلم (١٦٢٨/ ٥)، عن عامر بن سعد بن مالك، عن أبيه، قال: عادني النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عام حجة الوداع من مرض أشفيت منه على الموت، فقلت: يا رسول اللَّه، بلغ بي من الوجع ما ترى، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي واحدة، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: "لا"، قال: فأتصدق بشطره؟ قال: "الثلث يا سعد، والثلث كثير، إنك أن تذر ذريتك أغنياء، خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس ولست بنافق نفقة تبتغي بها وجه اللَّه، إلا آجرك اللَّه بها حتى اللقمة تجعلها في فيّ امرأتك".
(٣) أخرجه أحمد في "مسنده" (٣٧٧٢)، عن إبراهيم بن عبيد بن رفاعة، أن أبا محمد، أخبره -وكان من أصحاب ابن مسعود- حدثه عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنه ذكر عنده الشهداء، فقال: "إن أكثر شهداء أُمَّتي أصحاب الفرش، ورب قتيل بين الصفين، اللَّه أعلم بنيته". قال الأرناؤوط: إسناده ضعيف.
(٤) أخرجه البخاري (٩٣٥)، ومسلم (٨٥٢/ ١٣)، عن أبي هريرة: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذكر يوم الجمعة، فقال: "فيه ساعة، لا يوافقها عبد مسلم، وهو قائم يصلي، يسأل اللَّه تعالى شيئًا، إلا أعطاه إياه" وأشار بيده يقللها.

<<  <  ج: ص:  >  >>