للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا هو رأي الإمام مالك، ويوافقه أيضًا أبو حنيفة (١)، وهي رواية للإمام أحمد (٢)، لكن الشافعي كما عرفنا يرى أنه يُجلس بين الخطبتين؛ لأنَّ ذلك ثبت عن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- (٣)، والآخرون يقولون: ثبت عن عليٍّ -رضي اللَّه عنه- أنه سرد الخطبة فلم يجلس (٤)، وأُثر ذلك عن أُبيِّ بن كعب (٥)، وعن المغيرة بن شعبة (٦)، لكن الأولى في ذلك أن تلتزم السنة، وأن يجلس كما كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يجلس.

* قوله: (وَهُوَ شَرْطٌ كَمَا قُلْنَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَذَلِكَ أَنَّهُ مَنِ اعْتَبَرَ المَعْنَى المَعْقُولَ مِنْهُ مِنْ كَوْنِهِ اسْتِرَاحَةً لِلْخَطِيبِ لَمْ يَجْعَلْهُ شَرْطًا، وَمَنْ جَعَلَ ذَلِكَ عِبَادَةً جَعَلَهُ شَرْطًا) (٧).

فمَن قال من أهل العلم بأن الاستراحة ليست بواجبة قصد بها الاستراحة، بدليل: أنها لا تشتمل على ذكر؛ لأنها لو كانت أمرًا تعبديًّا أو مما يجب لشُرع فيها ذكر، لكنها لا تشتمل على ذكر، فدلَّ ذلك على أن القصد هو أن يستريح الخطيب؛ ليتقوى مرة أُخرى (٨).


(١) سبق.
(٢) وهو مشهور المذهب كما سبق.
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٤/ ٧٤)، عن إسحاق، قال: رأيت عليًّا يخطب على المنبر، فلم يجلس حتى فرغ. قال ابن التركماني: "وهذا سند صحيح على شرط الجماعة". انظر: "الجوهر النقي" (٣/ ١٩٨).
(٥) انظر: "المغني"، لابن قدامة (٢/ ٢٢٧)، وفيه قال: "وقد سرد الخطبة جماعة، منهم المغيرة بن شعبة، وأبي بن كعب".
(٦) ذكره ابن بطال من غير إسناد، فقال: "وروى عن المغيرة بن شعبة أنه كان لا يجلس في خطبته". انظر: "شرح صحيح البخاري" (٢/ ٥١٢).
(٧) ذكر ذلك ابن بطال، فقال: "ومن قال: إنها فريضة فلا حجة له؛ لأن القعدة فصل بن الذكرين، واستراحة للخطيب، وليست من الخطبة في شيء". انظر: "شرح صحيح البخاري" (٢/ ٥١٢).
(٨) انظر: "مطالب أولي النهى"، للرحيباني (١/ ٧٧٥)، وفيه قال: "ولا يجب الجلوس؛ لأن جماعة من الصحابة -منهم عليّ- سردوا الخطبتين من غير جلوس؛ ولأنه ليس في الجلسة ذكر مشروع".

<<  <  ج: ص:  >  >>