للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كم واثق بالعمر أفنيته … وجامع بدّدت ما يجمع

كم قد تبدّل نعيمها بالضرّ والبؤس، كم أصبح من هو واثق بملكها، وأمسى وهو منها قنوط يئوس. قالت بعض بنات ملوك العرب الذين نكبوا: أصبحنا وما في العرب أحد إلاّ وهو يحسدنا، وأمسينا وما في العرب أحد إلا وهو يرحمنا، ثم قالت:

وبينا نسوس النّاس والأمر أمرنا … إذا نحن فيهم سوقة ليس نعرف

فأفّ لدار لا يدوم نعيمها … تقلّب تارات بنا وتصرّف

دخلت أمّ جعفر بن يحيى البرمكي على قوم في عيد أضحى تطلب جلد كبش تلبسه، وقالت: هجم عليّ مثل هذا العيد وعلى رأسي أربعمائة وصيفة قائمة، وأنا أزعم أنّ ابني جعفرا عاقّ لي.

كانت أخت أحمد بن طولون صاحب مصر كثيرة السّرف في إنفاق المال، حتّى إنّها زوّجت بعض لعبها فأنفقت على وليمة عرسها مائة ألف دينار، فما مضى إلا قليل حتى رئيت في سوق من أسواق بغداد وهي تسأل النّاس.

خلع بعض خلفاء بني العبّاس وكحل وحبس ثم أطلق، فاحتاج إلى أن وقف يوم جمعة في الجامع وقال للناس: تصدّقوا عليّ فأنا من قد عرفتم.

اجتاز بعض الصالحين بدار فيها فرح وقائلة تقول في غنائها:

ألا يا دار لا يدخلك حزن … ولا يزري بصاحبك الزّمان

ثم اجتاز بها عن قريب وإذا الباب مسودّ، وفي الدّار بكاء وصراخ، فسأل عنهم، فقيل: مات ربّ الدّار، فطرق الباب وقال: سمعت من هذه الدّار قائلة تقول كذا وكذا، فبكت امرأة وقالت: يا عبد الله، إنّ الله يغيّر ولا يتغيّر، والموت غاية كلّ مخلوق، فانصرف من عندهم باكيا.

<<  <   >  >>