للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي حديث أبي هريرة أنّهم يسبّحون ويحمدون ويكبّرون خلف كلّ صلاة ثلاثا وثلاثين (١). وقد فسّره أبو صالح راويه عنه بالجمع، وهو أن يقول:

سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، ثلاثا وثلاثين مرّة، فيكون جملة ذلك تسعا وتسعين.

وقد يستشكل على هذا حديث أنّ رجلا سأل النبي صلّى الله عليه وسلّم عمّا يعدل الجهاد، فقال: «هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تصوم فلا تفطر، وتقوم ولا تفتر» (٢). وهو حديث ثابت صحيح أيضا. فلم يجعل للجهاد عدلا سوى الصّيام الدّائم والقيام الدّائم. وفي هذا الحديث قد جعل الذّكر عقيب الصّلوات عدلا له.

والجمع بين ذلك كلّه أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يجعل للجهاد في زمانه عملا يعدله، بحيث إذا انقضى الجهاد انقضى ذلك العمل، واستوى العامل مع المجاهد في الأجر، وإنّما جعل الذي يعدل الجهاد الذكر الكثير المستدام في بقية عمر المؤمن من غير قطع له حتى يأتي صاحبه أجله، فإذا استمرّ على هذا الذّكر في أوقاته إلى أن مات عليه عدل ذكره هذا الجهاد.

وقد دلّ على ذلك أيضا ما خرّجه الإمام أحمد والترمذي من حديث أبي الدّرداء رضي الله عنه، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «ألا أنبّئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذّهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوّكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا:


(١) أخرجه: البخاري (٨/ ٨٩، ١/ ٢١٣) (٨٤٣) (٦٣٢٩)، ومسلم (٢/ ٩٧) (٥٩٥)، والنسائي في «عمل اليوم والليلة» (١٤٦)، وابن خزيمة (٧٤٩) وقد تقدم.
(٢) أخرجه: البخاري (٤/ ١٨) (٢٧٨٥)، وأحمد (٢/ ٣٤٤)، والنسائي (٦/ ١٩).

<<  <   >  >>