الفجر، ثم التفتّ إليه فوجدته قد غاب. قال: وإن وقع في ليلة من أوتار العشر ليلة جمعة، فهي أرجى من غيرها.
واعلم؛ أنّ جميع هذه العلامات لا توجب القطع بليلة القدر.
وقد روى سلمة بن شبيب في كتاب «فضائل رمضان»: حدثنا إبراهيم ابن الحكم، حدثني أبي، قال: حدثني فرقد: أنّ ناسا من الصحابة كانوا في المسجد فسمعوا كلاما من السّماء، ورأوا نورا من السّماء، وبابا من السّماء، وذلك في شهر رمضان، فأخبروا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بما رأوا، فزعم أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:«أمّا النّور فنور ربّ العزّة تعالى، وأمّا الباب فباب السّماء، والكلام كلام الأنبياء، فكلّ شهر رمضان على هذه الحال، ولكن هذه ليلة كشف غطاؤها». وهذا مرسل ضعيف.
وأما العمل في ليلة القدر؛ فقد ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال:«من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدّم من ذنبه». وقيامها إنّما هو إحياؤها بالتهجّد فيها والصّلاة، وقد أمر عائشة بالدّعاء فيها أيضا.
قال سفيان الثوريّ: الدّعاء في تلك الليلة أحبّ إليّ من الصّلاة. قال: وإذا كان يقرأ وهو يدعو ويرغب إلى الله في الدّعاء والمسألة لعله يوافق. انتهى.
ومراده أنّ كثرة الدّعاء أفضل من الصّلاة التي لا يكثر فيها الدّعاء، وإن قرأ ودعا كان حسنا.
وقد كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يتهجّد في ليالي رمضان، ويقرأ قراءة مرتّلة، لا يمرّ بآية فيها رحمة إلا سأل، ولا بآية فيها عذاب إلاّ تعوّذ، فيجمع بين الصّلاة والقراءة والدّعاء والتفكّر. وهذا أفضل الأعمال وأكملها في ليالي العشر وغيرها، والله أعلم.