للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأمّا عامّة أهل الكتاب فكانوا قد بدّلوا كتبهم وغيّروها وحرّفوها، وأدخلوا في دينهم ما ليس منه فضلّوا وأضلّوا. وأمّا غير أهل الكتاب فكانوا على ضلال مبين؛ فالأمّيّون أهل شرك يعبدون الأوثان، والمجوس يعبدون النيران ويقولون بإلهين اثنين، وكذلك غيرهم من أهل الأرض؛ منهم من كان يعبد النّجوم، ومنهم من كان يعبد الشّمس أو القمر.

فهدى الله المؤمنين بإرسال محمّد صلّى الله عليه وسلّم إلى ما جاء به من الهدى ودين الحقّ؛ وأظهر الله دينه حتى بلغ مشارق الأرض ومغاربها، فظهرت فيها كلمة التّوحيد والعمل بالعدل بعد أن كانت الأرض كلّها ممتلئة من ظلمة الشّرك والظّلم.

فالأمّيّون هم العرب، والآخرون الذين لم يلحقوا بهم هم أهل فارس والرّوم، فكانت أهل فارس مجوسا، والرّوم نصارى، فهدى جميع هؤلاء برسالة محمّد صلّى الله عليه وسلّم إلى التوحيد.

وقد رئي الإمام أحمد بعد موته في المنام، فسئل عن حاله، فقال: لولا هذا النّبيّ لكنّا مجوسا، وهو كما قال، فإنّ أهل العراق لولا رسالة محمد صلّى الله عليه وسلّم لكانوا مجوسا، وأهل الشّام ومصر والرّوم لولا رسالة محمد صلّى الله عليه وسلّم لكانوا نصارى، وأهل جزيرة العرب لولا رسالة محمد لكانوا مشركين عبّاد أوثان.

ولكن رحم الله عباده بإرسال محمد صلّى الله عليه وسلّم فأنقذهم من الضّلال، كما قال تعالى:

{وَما أَرْسَلْناكَ إِلاّ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ} [الأنبياء: ١٠٧]. ولهذا قال تعالى: {ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الجمعة: ٤].

فمن حصل له نصيب من دين الإسلام فقد حصل له الفضل العظيم، وقد عظمت عليه نعمة الله، فما أحوجه إلى القيام بشكر هذه النّعمة وسؤاله دوامها والثّبات عليها إلى الممات، والموت عليها، فبذلك تتمّ النّعمة.

<<  <   >  >>