للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كأنّهما نزلا وأعادا القول، وقال أحدهما: إنّ الله وهب لكلّ واحد من الستة مائة ألف. كان بعض السّلف يقول في دعائه: اللهم إن لم تقبلني فهبني لمن شئت من خلقك.

من ردّ عليه عمله ولم يقبل منه فقد يعوّض ما يعوّض المصاب، فيرحم بذلك. قال بعض السّلف في دعائه بعرفة: اللهم إن كنت لم تقبل حجّي وتعبي ونصبي، فلا تحرمني أجر المصيبة على تركك القبول مني. وقال آخر منهم:

اللهم ارحمني؛ فإنّ رحمتك قريب من المحسنين، فإن لم أكن محسنا فقد قلت: {وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً} [الأحزاب: ٤٣]، فإن لم أكن كذلك فأنا شيء، وقد قلت: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف: ١٥٦]، فإن لم أكن شيئا فأنا مصاب بردّ عملي وتعبي ونصبي، فلا تحرمني ما وعدت المصاب من الرّحمة. قال هلال بن يساف: بلغني أنّ المسلم إذا دعا الله فلم يستجب له كتب له حسنة. خرّجه ابن أبي شيبة (١). يعني جزاء لمصيبة ردّه.

ومن كان في سخطه محسنا … فكيف يكون إذا ما رضي

قدوم الحاجّ يذكّر بالقدوم على الله عزّ وجلّ.

قدم مسافر فيما مضى على أهله، فسرّوا به، وهناك امرأة من الصّالحات، فبكت وقالت: أذكرني هذا بقدومه القدوم على الله عزّ وجلّ، فمن مسرور ومثبور. قال بعض الملوك لأبي حازم: كيف القدوم على الله؟ فقال أبو حازم: أمّا قدوم الطّائع على الله فكقدوم الغائب على أهله المشتاقين إليه، وأمّا قدوم العاصي فكقدوم الآبق على سيّده الغضبان.


(١) «المصنف» (٦/ ٢٢) (٢٩١٧٢)، والبيهقي في «الشعب» (٢/ ٤٩) (١١٣٢)، والخطيب (١٢/ ٢٠٥).

<<  <   >  >>