للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن ابن عمر أن رسول الله أقطع الزبير حضر (١) فرسه بأرض يقال لها ثرثر فأجرى فرسه حتى قام ثم رمى سوطه فقال أعطوه حيث بلغ السوط وكان سعد بن عبادة يدعو فيقول اللهم وسع علي.

قال المصنف وأبلغ من هذا أن يعقوب لما قال له بنوه ﴿وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ﴾ مال إلى هذا وأرسل ابنه بنيامين معهم وأن شعيبا طمع في زيادة ما يناله فقال: ﴿فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ﴾ وأن أيوب لما عوفي نثر عليه رجل (٢) جراد من ذهب فأخذ يحثو في ثوبه يستكثر منه فقيل له أما شبعت قال يا رب من يشبع من فضلك وهذا أمر مركوز في الطباع فإذا قصد به الخير كان خيرا محضا.

وأما كلام المحاسبي فخطأ يدل على الجهل بالعلم وقوله إن الله ﷿ نهى عباده عن جمع المال وأن رسول الله نهى أمته عن جمع المال فهذا محال إنما النهي عن سوء القصد بالجمع أو عن جمعه من غير حله وما ذكره من حديث كعب وأبي ذر فمحال من وضع الجهال وخفاء صحته عنه ألحقه بالقوم وقد روي بعض هذا وإن كان طريقه لا يثبت وبإسناد عن مالك بن عبد الله الزيادي عن أبي ذر أنه جاء يستأذن على عثمان فأذن له وبيده عصاه فقال عثمان يا كعب إن عبد الرحمن توفي وترك مالا فما ترى فيه فقال إن كان يصل فيه حق الله تعالى فلا بأس فرفع أبوذر عصاه فضرب كعبا وقال سمعت رسول الله يقول: "ما أحب لو أن لي هذا الجبل ذهبا أنفقه ويتقبل مني أذر خلفي ست أواقي" أنشدك بالله يا عثمان أسمعت هذا ثلاث مرات قال نعم".

قال المصنف وهذا الحديث لا يثبت وابن لهيعة مطعون فيه قال يحيى لا يحتج بحديثه والصحيح في التاريخ أن أبا ذر توفي سنة خمس وعشرين وعبد الرحمن توفي سنة اثنتي وثلاثين فقد عاش بعد أبي ذر سبع سنين ثم لفظ ما ذكروه من حديثهم يدل على أن حديثهم موضوع ثم كيف تقول الصحابة إنا نخاف على عبد الرحمن أو ليس الإجماع منعقدا على إباحة جمع المال من حله فما وجه الخوف مع الإباحة أو يأذن الشرع في شيء ثم يعاقب عليه


(١) الحضر بضم المعجمة عدو الفرس.
(٢) هو الجراد الكثير.

<<  <   >  >>