درهم يلتفت إليه قلبه فهو محجوب عن الله ﷿ قال المصنف وهذا كله بخلاف الشرع والعقل وسوء فهم للمراد بالمال.
فصل: في رد هذا الكلام أما شرف المال فان الله ﷿ عظم قدره وأمر بحفظه إذ جعله قواما للآدمي الشريف فهو شريف فقال تعالى: ﴿وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً﴾ ونهى ﷿ أن يسلم المال إلى غير رشيد فقال: ﴿فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ وقد صح عن رسول الله ﷺ أنه نهى عن إضاعة المال وقال لسعد لأن تترك ورثتك أغنياء خير لك من أن تتركهم عالة يتكففون الناس وقال ما نفعني مال كمال أبي بكر والحديث بإسناد مرفوع عن عمرو بن العاص قال بعث إلي رسول الله ﷺ فقال: "خذ عليك ثيابك وسلاحك ثم ائتني" فأتيته فقال: "إني أريد أن أبعثك على جيش فيسلمك الله ويغنمك وأرغب لك من المال رغبة صالحة" فقلت يا رسول الله ما أسلمت من أجل المال ولكني أسلمت رغبة في الإسلام فقال: "يا عمرو نعم المال الصالح للرجل الصالح" والحديث بإسناد عن أنس بن مالك أن رسول الله ﷺ دعا له بكل خير وكان في آخر دعائه أن قال: "اللهم أكثر ماله وولده وبارك له" وبإسناد عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك أن عبيد الله بن كعب بن مالك قال سمعت كعب بن مالك يحدث حديث توبته قال فقلت يا رسول الله أن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله ﷿ وإلى رسوله ﷺ فقال: "أمسك بعض مالك فهو خير لك".
قال المصنف: فهذه الأحاديث مخرجة في الصحاح وهي على خلاف ما تعتقده المتصوفة من أن إكثار المال حجاب وعقوبة وأن حبسه ينافي التوكل ولا ينكر أنه يخاف من فتنة وأن خلقا كثيرا اجتنبوبه لخوف ذلك وأن جمعه من وجهة يعز وسلامة القلب من الافتنان به يبعد واشتغال القلب مع وجوده بذكر الآخرة يندر ولهذا خيف فتنة فأما كسب المال فان من اقتصر على كسب البلغة من حلها فذلك أمر لا بد منه وأما من قصد جمعه والاستكثار منه من الحلال نظرنا في مقصوده فان قصد نفس المفاخرة والمباهاة فبئس المقصود وإن قصد إعفاف نفسه وعائلته وادخر لحوادث زمانه وزمانهم وقصد التوسعة على الإخوان وإغناء الفقراء وفعل المصالح أثيب على قصده وكان جمعه بهذه النية أفضل من كثير من الطاعات وقد كان نيات خلق كثير من الصحابة ﵃ أجمعين في جمع المال سليمة لحسن مقاصدهم لجمعه فحرصوا عليه وسألوا زيادته وبإسناد