للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَقَدْ دَخَلَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى عُثْمَانَ وَهُوَ مَحْصُورٌ؛ فَقَالَ لَهُ: "انْظُرْ مَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ، يَقُولُونَ: اخْلَعْ نَفْسَكَ أَوْ نَقْتُلُكَ. قَالَ لَهُ: أَمُخَلَّدٌ أَنْتَ فِي الدُّنْيَا؟ قَالَ: لَا. قَالَ: هَلْ يَمْلِكُونَ لَكَ جَنَّةً أَوْ نَارًا؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَلَا تَخْلَعْ قَمِيصَ اللَّهِ عَلَيْكَ فَتَكُونَ سُنَّةً، كُلَّمَا كَرِهَ قَوْمٌ خَلِيفَتَهُمْ خَلَعُوهُ أَوْ قَتَلُوهُ"١.

وَلَمَّا هَمَّ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ أَنْ يَبْنِيَ الْبَيْتَ عَلَى مَا بَنَاهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ شَاوَرَ مَالِكًا فِي ذَلِكَ؛ فَقَالَ لَهُ مَالِكٌ: "أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ لَا تَجْعَلَ هَذَا الْبَيْتَ مَلْعَبَةً لِلْمُلُوكِ بَعْدَكَ لَا يَشَاءُ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنْ يُغَيِّرَهُ؛ إِلَّا غَيَّرَهُ فَتَذْهَبَ هَيْبَتُهُ مِنْ قُلُوبِ النَّاسِ"٢. فَصَرَفَهُ عَنْ رَأْيِهِ فِيهِ؛ لَمَّا ذَكَرَ مِنْ أَنَّهَا تَصِيرُ سُنَّةً مُتَّبَعَةً بِاجْتِهَادٍ أو غيره؛ فلا يثبت على حال.


١ أخرجه خليفة في "تاريخه" "١/ ١٨٣"، وابن شبة في "تاريخ المدينة" "٤/ ١٢٢٣-١٢٢٤"، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" "٣/ ١/ ٤٥"، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" "ص٣٥٩, ترجمة عثمان"، والخبر في "التمهيد والبيان" "ق ١١٤".
٢ نحوه في "ترتيب المدارك" "١/ ٢١٣, ط بيروت"، وفيه المهدي وليس المنصور.

<<  <  ج: ص:  >  >>