للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَوْلِهِ: {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الْأَنْعَامِ: ١٠٨] .

وَقَدْ مَنَعَ١ مَالِكٌ لِمَنْ رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ وحده أن يُفْطِرَ لِئَلَّا يَكُونَ ذَرِيعَةً إِلَى إِفْطَارِ الْفُسَّاقِ مُحْتَجِّينَ بِمَا احْتَجَّ بِهِ٢، وَقَالَ بِمِثْلِهِ فِيمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَا زُورٍ بِأَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا وَلَمْ يَفْعَلْ؛ فَمَنَعَهُ مِنْ وَطْئِهَا إِلَّا أَنْ يَخْفَى ذَلِكَ عَنِ النَّاسِ٣.

وَرَاعَى زِيَادٌ مِثْلَ هَذَا فِي صَلَاةِ النَّاسِ فِي جَامِعِ الْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ فَإِنَّهُمْ٤ إِذَا صَلَّوْا فِي صَحْنِهِ وَرَفَعُوا مِنَ السُّجُودِ مَسَحُوا جِبَاهَهُمْ مِنَ التُّرَابِ؛ فَأَمَرَ بِإِلْقَاءِ الْحَصَى فِي صَحْنِ الْمَسْجِدِ، وَقَالَ: "لَسْتُ آمَنُ أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ فَيَظُنُّ الصَّغِيرُ إِذَا نَشَأَ أَنَّ مَسْحَ الْجَبْهَةِ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ سُنَّةٌ فِي الصَّلَاةِ"٥.

وَمَسْأَلَةُ مَالِكٍ مَعَ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ حِينَ أَرَادَ أَنْ يَحْمِلَ النَّاسَ عَلَى "الْمُوَطَّأِ" فَنَهَاهُ مَالِكٌ عَنْ ذَلِكَ من هذا٦ القبيل أيضًا٧.


١ المثبت من "ط"، وفي غيرها: "رأى مالك ... أن لا يفطر".
٢ قال مالك في "الموطأ" "١/ ٢٨٧": "ومن رأى هلال شوال وحده؛ فإنه لا يفطر لأن الناس يتهمون على أن يفطر منهم من ليس مأمونًا، ويقول أولئك إذا ظهر عليهم: قد رأينا الهلال".
٣ انظر: "الذخيرة" "١٠/ ٢٦٢-٢٦٣, ط دار الغرب" للقرافي.
٤ في "ط" زيادة: "كانوا".
٥ ذكره في "الاعتصام" "٢/ ١٠٨"، وقال عقبه: "وهذا في مباح؛ فكيف به في المكروه أو الممنوع؟ "، وصرح أنه نقل هذه الحكاية عن الماوردي، وكذا سيفعل هنا في "ص١٢٠".
٦ لأنه إذا تطاول الزمان على الاقتصار عليه في العمل يظن الناس أنه لا يصح العمل بغيره من الأحاديث والسنن. "د".
٧ نحوه في "جامع بيان العلم" "رقم ٨٧٠" لابن عبد البر، و"ذيل المذيل" "١٠٧" لابن جرير، و"السير" "٨/ ٧٠"، و"تذكرة الحفاظ" "١/ ٢٠٩" للذهبي، و"التزيين" "٤١" للسيوطي، و"كشف المغطى في فضل الموطا" "٥٣-٥٥" لابن عساكر، و"ترتيب المدارك" "١/ ١٩٢، ١٩٣، ٢/ ٧٢" للقاضي عياض، و"إعلام الموقعين" "٢/ ٢٩٦-٢٩٧"، و"انتصار الفقير السالك" "ص١٩١-١٩٢، ٢٠٧-٢٠٨"، و"مفتاح السعادة" "٢/ ٨٧"، و"الديباج المذهب" "١/ ١١٩"، و"إتحاف السالك" "رقم ٢٢٤" لابن ناصر الدين، وفي ثبوت هذه القصة نظر؛ كما في كتابنا: "قصص لا تثبت"، يسر الله إتمامه بخير.

<<  <  ج: ص:  >  >>