بعض اللغات -لأسباب تاريخية سابقة- قد فرضت نفسها كلغات عامة للتفاهم في مناطق تتجاوز منطقتها الأساسية التي تعتبر فيها لغة وطنية، وربما أصبحت مكانتها كبيرة في تلك المناطق الجديدة، ومثال ذلك الألمانية في وسط أوربا، والفرنسية في الشمال الإفريقي والإنجليزية في الهند، وتتفاوت درجة أهمية تلك اللغات وفائدتها في أداء وظيفتها تفاوتًا كبيرا.
وفي القديم، كانت اليونانية واللاتينية تستعملان كلغات مناطق على طول حوض البحر المتوسط وغربي أوربا، وقد ثبتت اللغة اللاتينية في النهاية دعائمها كلغة متكلمة عامة في مناطق واسعة كان أصحابها يتكلمون في الأصل لغات أخرى. وفي العصور الوسطى كان استعمال اللاتينية لغة العلم والدين يشمل أوربا الغربية كلها، أما الآن فإن الإنجليزية تستعمل كلغة بديلة في مناطق واسعة مثل الهند وباكستان اللتين كانتا يومًا ما ضمن المستعمرات البريطانية، وكذلك اللغة الفرنسية التي تستعمل بطريقة مماثلة في حوالي نصف إفريقية، كذلك فإن الروسية هي لغة التفاهم العامة في أقاليم الاتحاد السوفيتي في آسيا التي لا تعد الروسية لغتها الأساسية.
هذا الانتشار لبعض اللغات ليغطي -بصورة أو بأخرى- مناطق واسعة لم تكن تتكلمها من قبل يعطي أهمية لما سميناه بلغات المناطق area languages. وفي بعض الحالات من الممكن التكهن -على أساس دراسة العوامل والظواهر الموجودة- أن لغة معينة سوف تتمكن في النهاية من فرض نفسها في منطقة معينة، وتحل محل لغات أخرى ما تزال مستعملة حتى الآن في هذه المناطق. وفي حالات أخرى من الممكن التنبؤ -على نفس الأساس- بأن لغة منطقة معينة سوف تتقهقر، وفي النهاية تختفي من أجزاء معينة في المنطقة المستعملة فيها الآن، وعلى هذا فإن السواحيلية من الممكن أن تحل محل الإنجليزية في شرقي إفريقية، وإن الهولاندية آخذة في الاختفاء بالفعل من إندونيسيا.
ولكن هذه التقديرات اللغوية للاحتمالات المستقبلة، مع تطبيقاتها الواسعة المدى تحتاج إلى دراسة متخصصة ولا شك.