للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذهب بعد مجلسنا هذا إلى محمد بن إسماعيل البخاري فاتهموه فإنه لا يحضر مجلسه إلا من كان على مثل مذهبه" (١).

فانقطع أكثر المحدثين عن مجالس الإمام البخاري على أثر كلام محمد ابن يحيى، ونقل ابن حجر في هدي الساري عن الحاكم أنه قال: "ولما وقع بين البخاري وبين الذهلي في مسألة اللفظ انقطع الناس عن البخاري إلا مسلم بن الحجاج وأحمد بن سلمة، قال الذهلي: إلا من قال باللفظ فلا يحل له أن يحضر مجلسنا فأخذ مسلم رداءه فوق عمامته وقام على رؤوس الناس فبعث إلى الذهلي جميع ما كان كتبه عنه على ظهر جمال، فقلت: "القائل ابن حجر. وقد أنصف مسلم فلم يحدث في كتابه عن هذا ولا عن هذا" (٢).

ونقل ابن حجر عن الحاكم، أنه قال: "سمعت محمد بن صالح بن هانئ يقول: سمعت أحمد بن مسلمة النيسابوري يقول: دخلت على البخاري فقلت: يا أبا عبد الله إن هذا رجل مقبول بخراسان خصوصاً في هذه المدينة، وقد لج في هذا الأمر حتى لا يقدر أحد منا أن يكلمه فيه فما ترى قال: فقبض على لحيته، ثم قال: وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد: اللهم إنك تعلم إني لم أرد المقام بنيسابور أشرا ولا بطرا ولا طلبا للرياسة، وإنما أبت علي نفسي الرجوع إلى الوطن لغلبة المخالفين، وقد قصدني هذا الرجل حسداً لما آتاني الله لا غير، ثم قال لي: يا أحمد إني خارج غداً لتخلصوا من حديثه لأجلي، وقال الحاكم أيضاً عن الحافظ أبي عبد الله بن الأخرم قال: لما قام مسلم بن الحجاج وأحمد بن سلمة من مجلس محمد بن يحيى بسبب البخاري، قال الذهلي: لا يساكنني هذا الرجل في البلد فخشي البخاري وسافر" (٣).

ولم يترك الإمام محمد بن يحيى كلامه في الإمام البخاري بل كتب إلى أصحابه في المدن الأخرى بأن البخاري أظهر عندهم إن لفظه بالقرآن مخلوق.


(١) انظر: تاريخ بغداد ج ٢/ ٣١ - ٣٢؛ وكذا في هدي الساري ص ٤٩٠ - ٤٩١، وذكر السبكي في طبقات الشافعية ج ٢/ ٢٣٠ باختصار.
(٢) انظر: هدي الساري ص ٤٩١.
(٣) انظر: هدي الساري ص ٤٩١.