للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ثنا مروان بن معاوية قال ثنا أبو مالك عن ربعي بن حراش عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يصنع كل صانع وصنعته. قال أبو عبد الله وسمعت عبيد الله بن سعيد يقول: سمعت يحيى بن سعيد يقول: ما زلت أسمع أصحابنا يقولون أن أفعال العباد مخلوقة. قال أبو عبد الله البخاري: حركاتهم وأصواتهم، واكتسابهم، وكتابتهم، مخلوقة. فأما القرآن المتلو المبين المثبت في المصاحف المسطور المكتوب الموعي في القلوب، فهو كلام الله ليس بخلق قال الله تعالى: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} (١).

وروى بسنده أيضاً إلى أبي حامد الأعمش أنه قال: "رأيت محمد بن إسماعيل البخاري في جنازة أبي عثمان سعيد بن مروان ومحمد بن يحيى يسأله عن الأسامي والكنى وعلل الحديث ويمر فيه محمد بن إسماعيل مثل السهم كأنه يقرأ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}. فما أتى على هذا شهر حتى قال محمد بن يحيى: "ألا من يختلف إلى مجلسه لا يختلف إلينا فإنهم كتبوا إلينا من بغداد أنه تكلم في اللفظ ونهيناه فلم ينته فلا تقربوه ومن يقربه فلا يقربنا فأقام محمد بن إسماعيل ها هنا مدة وخرج إلى بخارى" (٢).

واستمر الإمام محمد بن يحيى في أمر أصحابه وتلامذته في مقاطعة الإمام البخاري واتهامه من يحضر مجلسه، فروى الخطيب بسنده إلى أبي حامد الشرقي، أنه قال: "سمعت محمد بن يحيى يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق من جميع جهاته وحيث يتصرف فمن لزم هذا استغنى عن اللفظ وعما سواه من الكلام في القرآن ومن زعم أن القرآن مخلوق فقد كفر وخرج عن الإيمان وبانت منه امرأته يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه وجعل ماله فيئاً بين المسلمين ولم يدفن في مقابر المسلمين. ومن وقف وقال: لا أقول مخلوق أو غير مخلوق فقد ضاهى الكفر، ومن زعم أن لفظي بالقرآن مخلوق فهذا مبتدع، لايجالس ولا يكلم ومن


(١) انظر: تاريخ بغداد ج ٢/ ٣٠ - ٣١؛ وكذا في هدي الساري ص ٤٩٠؛ وطبقات الشافعية ج ٢/ ٢٢٨، والآية في سورة العنكبوت ٤٩.
(٢) انظر: تاريخ بغداد ج ٢/ ٣١؛ وكذا في طبقات الشافعية ج ٢/ ٢٢٩.