للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

علي بن المديني وهو قاعدة نافعة في الدفاع عن بعض الحفاظ الذين تكلم فيهم بشيء من الجرح، ولأهميته أثبته بتمامه، قال الذهبي:

وقد بدت منه هفوة ثم تاب منها، وهذا أبوعبد الله البخاري- وناهيك به - قد شحن صحيحه بحديث علي بن المديني (١)، ولو تركت حديث علي، وصاحبه محمد، وشيخه عبد الرزاق، وعثمان بن أبي شيبة، وإبراهيم بن سعد، وعفان، وأبان العطار، وإسرائيل، وأزهر السمان، وبهز بن أسد، وثابت البناني، وجرير بن عبد الحميد، لغلقنا الباب، وانقطع الخطاب، ولماتت الآثار، واستولت الزنادقة، ولخرج الدجال. أفما لك عقل يا عقيلي، أتدري فيمن تتكلم، وإنما تبعناك في ذكر هذا النمط لنذب عنهم ولنزيف ما قيل فيهم، كأنك لا تدري أن كل واحد من هؤلاء أوثق منك بطبقات، بل وأوثق من ثقات كثيرين لم توردهم في كتابك، فهذا مما لا يرتاب فيه محدث، وأنا أشتهي أن تعرفني من هو الثقة الثبت الذي ما غلط ولا انفرد بما لا يتابع عليه، بل الثقة الحافظ إذا انفرد بأحاديث كان أرفع له، وأكمل لرتبته، وأدل على اعتنائه بعلم الأثر، وضبطه دون أقرانه لأشياء ما عرفوها، اللهم إلا أن يتبين غلطه ووهمه في الشيء فيعرف ذلك، فانظر أول شيء إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبار والصغار، ما فيهم أحد إلا وقد انفرد بسنة، فقال له: هذا الحديث لا يتابع عليه، وكذلك التابعون، كل واحد عنده ما ليس عند الآخر من العلم، وما الغرض هذا فإن هذا مقرر على ماينبغي في علم الحديث، وإن تفرد الثقة المتقن يعد صحيحاً غريباً وإن تفرد الصدوق ومن دونه، يعد منكراً. وإن إكثار الراوي من الأحاديث التي لا يوافق عليها لفظاً أو إسناداً يصيره متروك الحديث، ثم ما كل أحد فيه بدعة أو له هفوة أو ذنوب يقدح فيه بما يوهن حديثه، ولا من شرط الثقة أن يكون معصوما من الخطايا والخطأ، ولكن فائدة ذكرنا كثيراً من الثقات الذين فيهم أدنى بدعة أو لهم أوهام يسيرة في سعة علمهم أن يعرف أن غيرهم أرجح منهم وأوثق إذا عارضهم أو خالفهم، فزن الأشياء بالعدل والورع. وأما علي بن المديني فإليه المنتهى في معرفة علل الحديث النبوي، مع


(١) أخرج عنه البخاري ثلاثمائة حديث وثلاثة أحاديث، انظر: تهذيب التهذيب ج ٧/ ٣٥٧.