للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وزعم طائفة منهم ابن عبد البر أن من توفي من الصحابة الكرام حال حياته أفضل ممن بقي بعد مماته (صلى الله عليه وسلم). وهذا الإطلاق غير مرضي عند العلماء. ثم اختلف العلماء في التفضيل المذكور: أقطعي أو ظني؟ فذكر الأشعري (١) أنه قطعي، وذكر الباقلاني (٢): أنه ظني. ثم اختلفوا أن التفضيل بحسب الظاهر فقط‍ أم بحسب الظاهر والباطن؟ كذا ذكره الكردري (٣).

والقول بكونه قطعي بعيد جدا، اللهم إلا أن يقال في حق الصديق، فإنه إلى التحقيق حقيق، وأما القول بأنه بحسب الظاهر والباطن فأبعد والله ولي التوفيق، ثم من قوله، ومحبة الختنين إشارة إلى محبتهما كافية في كون صاحبهما من أهل السنة لما سبق من الكلام في اختلاف تفضيلهما، وإلا فبإجماع أهل السنة هما أفضل الأمة بعد الشيخين وإنما أراد الإمام التنبيه على أن باغضهما خارجي خارج من أهل السنة والجماعة. وكذا باغض عثمان وهم الشيعة سواء يقولون لا نحب الثلاثة ولا نسبهم ولا نلعنهم، وفي تكفير لاعنهم خلاف مشهور، وتفضيله في محله مسطور، وقد بسطت هذه المسألة في رسالة مستقلة (٤).

ثم في قوله: نؤمن بالقدر خيره وشره: إخراج المعتزلة. وسائر المشرعة من القدرية. والمراد بالإيمان بالقدر اعتقاد أن جميع الأمور بقضاء الله وقدره وفق ما


(١) الأشعري: هو علي بن إسماعيل بن إسحاق بن سالم بن إسماعيل بن عبد الله بن موسى بن بلال بن أبي بردة بن عامر بن أبي موسى الأشعري. ستأتي ترجمته برقم ٣٧٧.
(٢) الباقلاني: هو القاضي أبو بكر محمد بن الطيب بن محمد البصري، ثم البغدادي المعروف بالباقلاني، صاحب التصانيف، وكان يضرب به المثل بفهمه وذكائه، وكان ثقة بارعا، صنف كثيرا من الكتب في الرد على المعتزلة، والخوارج، والجهيمة، والكرامية، والملاجدة، توفي سنة (٤٠٣ هـ‍ /١٠١٢ م).
ينظر: الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد:٥/ ٣٧٩؛ ابن خلكان، وفيات الأعيان:٤/ ٢٦٩.
(٣) المناقب:١/ ١٣٨.
(٤) سماها «شم العوارض في ذم الروافض».

<<  <  ج: ص:  >  >>