للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

السكاكى: يلزم المصير إلى التشبيه؛ لامتناع جعل اسم الجنس وصفا، حتى يصح إسناده إلى المبتدأ. فكأن السكاكى إنما نفى المجاز اللفظى بأن يراد زيد، ولم ينف صحة إرادة المجاز الإسنادى. ثم إن المصنف بعد ذكره لما سبق، ذكر أن الخلاف فى هذه المسألة لفظى، راجع إلى الكشف عن معنى الاستعارة. وفيه نظر؛ لأن الخلاف معنوى فعلى القول بالاستعارة، يكون الأسد مجازا، وعلى القول بالتشبيه، يكون حقيقة قطعا.

وقوله: (إنه راجع إلى الكشف عن معنى الاستعارة) صحيح، لكن ليس الكشف عن معنى الاستعارة لفظيا، بل معنويا. نعم يمكن أن يقال: إن هذين اصطلاحان، لا يدافع أحدهما الآخر. ثم قال المصنف: إن كونه تشبيها اختيار المحققين، كالقاضى أبى الحسن الجرجانى، والشيخ عبد القاهر، والزمخشرى، والسكاكى.

(قلت): كلام أكثر هؤلاء ليس صريحا فيما ادعاه؛ لأنه يجوز أن يريدوا، أنه استعارة تسمى تشبيها، فيكون مجازا إلا أنه تشبيه حقيقة، ويشهد له تصريح أكثر هؤلاء فى مواضع - كما سبق - بعكس هذا. وقد صرح الإمام فخر الدين أيضا باختيار أنه تشبيه. ثم نقل المصنف، عن عبد القاهر أنه وافق على أنه تشبيه، ثم قال: فإن أبيت إلا أن تطلق عليه لفظ الاستعارة؛ فإن حسن دخول أدوات التشبيه لم يحسن إطلاقه؛ وذلك بأن يكون اسم المشبه به معرفة، مثل: زيد الأسد، فإنه يحسن أن تقول:

زيد كالأسد. وإن حسن دخول بعض أدوات التشبيه دون بعض؛ هان الخطب فيه، وذلك بأن يكون المشبه به نكرة غير موصوفة، قولك: زيد أسد، فإنه لا يحسن أن يقال:

كأسد، ويحسن أن يقال: كأن زيدا أسد، وتبعه الإمام فخر الدين.

(قلت): لا يظهر السبب فى امتناع حسن: زيد كأسد، وبهذا المثال مثل المصنف للمسألة التى نقل فيها عبد القاهر أنه تشبيه ليس استعارة. وكيف ينقل عنه أن الخطب فيه هين، وأنه إنما لا يحسن إطلاق الاستعارة، إذا كان الخبر معرفة. وكأنه لاحظ فى امتناع حسن: زيد كأسد، أنه تشبيه بفرد من أفراد الأسد، وذلك غير مقصود، إنما المقصود

تشبيهه بحقيقة الأسد وجنسه، فحسن أن يعرف فيقال: كالأسد أى كهذا الجنس، ولذلك قال الإمام فخر الدين: زيد كأسد بالتنكير، كلام بارد بخلاف: زيد كالأسد بالتعريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>