للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو شبه تضادّ؛ كالسماء والأرض، والأول والثانى؛ فإنه ينزّلهما منزلة التضايف؛ ولذلك تجد الضّدّ أقرب خطورا بالبال مع الضدّ.

أو خيالىّ: بأن يكون بين تصوّريهما تقارن فى الخيال سابق، وأسبابه مختلفة؛ ولذلك اختلفت الصور الثابتة فى الخيالات ترتّبا ووضوحا؛ ولصاحب علم المعانى فضل احتياج إلى معرفة الجامع، لا سيّما الخيالىّ؛ فإنّ جمعه على مجرى الإلف والعادة.

ــ

ابن سينا فى الشفاء؛ لأنا نقول: الممتنع على هذا القول تصورهما مجتمعين، وأما تصورهما فى وقت واحد منفردين فلا يمتنع إلا إذا قلنا: إن العلم يستحيل أن يتعلق بأمرين فى وقت واحد؛ لكن المصنف لا يريد ذلك؛ لأن القول به لا اختصاص له بالضدين، بل فى كل أمرين مطلقا ولو قال: أو يكون المسند إليهما أو المسندان متضادين، سلم من هذا؛ وإنما كان التضاد جامعا؛ لأن الوهم ينزلهما منزلة المتضادين اللذين يلزم من تصور

أحدهما تصور الآخر.

(قوله: أو شبه تضاد)، أى: يكون بين تصورهما شبه تضاد وعليه من السؤال ما سبق فينبغى أن يقول: أو يكون بين الشيئين شبه تضاد (كالسماء والأرض) وإنما لم يحكم عليهما بالتضاد، لأنهما لا يتعاقبان على محل، وليسا بعرضين؛ ولكنهما يشبهان المتضادين لما بينهما من الاختلاف (و) من شبه التضاد (الأول والثانى) وينبغى أن يعد منه الأبيض والأسود - كما سبق - وإنما عد الأول والثانى من شبه التضاد ولم يعدا متضادين؛ لأن فى كل منهما قيد العدم؛ لأن الأول ما لم يسبقه غيره والثانى ما سبقه واحد فقط، والضدان لا يكونان عدميين، (قوله: فإنه)، أى: لأن الوهم (ينزلهما) أى الضدين (منزلة التضايف) ينبغى أن يقول: منزلة المتضايفين أو يقول: ينزل المضادة منزلة التضايف (ولذلك تجد الضد أقرب خطورا بالبال مع الضد) كالسواد والبياض.

وأما الخيالى فهو أن يكون بين تصوريهما تقارن فى الخيال سابق أى سابق فى الخيال، والخيال قوة حافظة لما يدركه الحس المشترك. وينفرد الخيالى عن العقلى والوهمى؛ بأن فى العقلى علاقة حقيقية - كما سبق - وفى الوهمى علاقة اعتبارية حاصلة فى ذات تلك المقارنات، وأما الخيالى فإنها صور تثبت فى قوة الخيال وتصل إليها من الحواس وإن كانت تلك الأشياء بحسب ذلك الشخص؛ لكونه كثير الاستعمال لها فى خياله؛ لكثرة مشاهدتها واشتمال حواسه الظاهرة عليها؛ ولذلك كثر الاختلاف فى ثبوت الصور فى الخيالات، وربّ شيئين يجتمعان فى خيال زيد دون خيال عمرو، لملابسته

<<  <  ج: ص:  >  >>