أو تضادّ؛ كالسواد والبياض، والكفر والإيمان، وما يتصف بها؛ كالأبيض والأسود، والمؤمن والكافر؛
ــ
وهذا ليس مثالا لما نحن فيه، فإنه من عطف المفردات، والصفرة والحمرة مثال ضدين بينهما شبه تماثل، وشمس الضحى وأبو إسحاق والقمر مثال لمختلفين بينهما شبه تماثل.
(قوله: أو تضاد) معطوف على شبه، أى: أو يكون بين تصورهما تضاد واعلم أن الضدين على مذهب أهل السنة هما كل عرضين يستحيل اجتماعهما فى محل واحد لذاتيهما من جهة واحدة، فقولنا: عرضان يعلم منه أن التضاد لا
يكون بين المعدومين، ولا بين موجود ومعدوم، ولا بين جوهرين، ولا بين عرض وجوهر، ولا بين القديم والحادث، وقولنا: يستحيل اجتماعهما خرج به نحو السواد مع الحلاوة، وقولنا: فى محل واحد احتراز عن مذهب المعتزلة؛ فإنهم لم يشترطوا المحل، وقالوا: الإرادة الربانية مضادة الكراهة الربانية، وكلاهما لا فى محل، ويقولون: إن الضدين يقومان بمحلين من القلب، وقولنا: لذاتيهما، احتراز عن العلم الإنسانى بسكونه حال تحركه، فإنه يمتنع الجمع بينهما لا لذاتيهما؛ بل لأن العلم بالسكون يلزمه السكون المضاد للحركة، وقولنا: من جهة واحدة احتراز عن نحو القرب والبعد بالنسبة إلى شيئين فلا يتضادان وإن كانا فى محل واحد إلا بالنسبة لشئ واحد، كذا قال الآمدى فى الإنكار ولا يخفى ما فيه وقد دخل فى حد المتضادين، هذا نحو الحمرة مع البياض، والحمرة مع الصفرة وغيرهما من الألوان الوسائط بين السواد والبياض.
وأما ما وقع فى كلام أهل هذا العلم من أن الضدين كل ذاتين يتعاقبان على موضع واحد، ويستحيل اجتماعهما وبينهما غاية الخلاف والبعد فهو فاسد؛ لأنه على رأى الفلاسفة الذاهبين إلى أن الوسائط لا تضاد بينها وبين السواد والبياض مثلا، وقد مثل المصنف الضدين بالسواد والبياض فى الألوان، والكفر والإيمان فى المعانى فهما ضدان إذ يرتفعان فى حق غير المكلف، وقوله:(وما يتصف بها)، مثاله: المؤمن والكافر والأسود والأبيض، وفيه نظر؛ لأن الأسود والأبيض ليسا ضدين فإنهما ليسا عرضين، وقول المصنف: أو تضاد قد يقال: السواد والبياض بينهما تضاد، أما تصورهما فكيف يقال بينهما تضاد؟ ولا شك أن تصور الأبيض وتصور الأسود فى وقت واحد ممكن لا يقال: الجمع بين الضدين لا يتصور فى الذهن على ما اختاره