ومن محسّنات الوصل: تناسب الجملتين فى الاسمية أو الفعلية، والفعليتين فى المضى والمضارعة، إلا لمانع.
ــ
لها دون غيره أو جريان ذكرهما فى مجلسه دون غيرهما، وربما كان بين الأمرين جامع خيالى بالنسبة إلى قوم دون قوم كقوله تعالى: أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (١) فإن هذه الأمور مجتمعة فى خيال أهل البوادى، فإن أكثر انتفاعهم بالإبل وانتفاعهم بها بالرعى الناشئ عن المطر النازل من السماء، المقتضى لتقلب وجوههم إليها ولا بد لهم من مأوى وحصن فكثر نظرهم إلى الجبال ولا بد لهم من التنقل من أرض لأرض، فذكرت الأرض فصور هذه الأمور حاضرة فى ذهنهم على الترتيب المذكور بخلاف الحاضر فإنه إذا تلا الآية قبل تأمل هذه الأمور ربما وسوس إليه الشيطان ظن أن هذا الوصل معيب.
(قلت): وأنت تعلم كما سبق أن الاتحاد فى المسند والمسند إليه موجود فى هذه المتعاطفات بالنسبة لكل أحد، ومع ذلك قال المصنف: لولا اجتماع هذه الأمور فى خيال البدوى لما ساغ هذا العطف ففسد بذلك قوله - فيما سبق -:
إن الاتحاد فى المسند والمسند إليه يكون كافيا وعلم صحة ما قلناه من أن المعتبر المناسبة وهذه الآية الكريمة ليست مما نحن فيه؛ لأنها من عطف المفردات لكن يعلم به حكم الجمل على هذا الأسلوب، بل أولى؛ لأن الاتصال بين المفردات أوضح منه بين الجمل واعلم أنك لو قلت: انظر إلى السماء كيف رفعت وانظر إلى البرغوث الذى يأكلك لكان ممتنعا، ولصاحب علم المعانى احتياج كثير إلى معرفة الجامع لا سيما الخيالى فإن مبناه على الإلف والعادة.
ص:(ومن محسنات الوصل إلخ).
(ش): لما ذكر مواطن الوصل والفصل، شرع فى فرع غير ذلك وهو أنه إذا ساغ الوصل فربما يستحسن وربما لا يستحسن فإن قلت: ذلك يستدعى جواز الوصل والفصل حتى يستحسن أحدهما فى حالة والآخر فى حالة ولم يتقدم لنا صورة يجوز فيها بلاغة الأمرين بكل اعتبار بل صور يجوز فيها القطع والوصل باعتبارين؛ فأى