للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو تضايف كما بين العلّة والمعلول، أو الأقلّ والأكثر.

أو وهمىّ: بأن يكون بين تصوّريهما شبه تماثل؛ كلونى بياض وصفرة؛ فإنّ الوهم يبرزهما فى معرض المثلين؛ ولذلك حسن الجمع بين الثلاثة التى فى قوله [من البسيط]:

ثلاثة تشرق الدّنيا ببهجتها ... شمس الضّحى وأبو إسحاق والقمر

ــ

وأخوه يعطى، ومثال عدم التماثل فيهما: زيد يعطى ويمنع. ولنقتصر على هذه المثل الأربعة؛ لأن من تأمل ما سبق فى أمثلة الاتحاد، أمكنه سلوك كل فى محله.

ص: (أو يكون بينهما تضايف).

(ش): هذا النوع الثالث من الجامع العقلى، فإن التضايف هيئة بين ماهيتين، تقتضى توقف تعقل كل منهما على تعقل الأخرى، وقولهم: التضايف هيئة تكون ماهيتها معقولة بالنسبة إلى تعقل هيئة أخرى، وبالعكس حد لأحد المتضايفين لا للتضايف، ويكون التضايف بين المعقولات أو المحسوسات وغيرهما بالكم والكيف أو الزمان أو المكان أو الوضع؛ كالعلة والمعلول، والأب والابن، والصغير والكبير، والأعلى والأسفل، والأبرد والأحر، والأصغر والأكبر، والأقدم والأحدث، والأشد انتصابا وانحناء، والأقل والأكثر، وسواء أكانت الإضافة فى الطرفين متفقة على صفة واحدة، كالأخوة فإنها فى كل من الطرفين أو مختلفة كالأخوة، فانها ليست من الطرفين؛ بل يقابلها البنوة ومثاله فى المعقولات: العلة مع المعلول، كقولك: العالم معلول للصانع والصانع علة للعالم، وهذا أصغر من ذلك وذاك أكبر من هذا فى الكم، وهذا أبرد من ذلك وذاك أحمى من هذا فى الكيف، وهذا أعلى من ذاك وذاك أسفل من هذا فى المكان الذى يسمونه الأين، وهذا أقدم من ذاك وذاك أحدث من هذا فى الزمان الذى يسمونه المتى، وهذا أشد انتصابا وذاك أشد انحناء فى الوضع، وأما الوهمى فبأن يكون بين تصورهما شبه تماثل كلون بياض ولون صفرة إنما كان ذلك جامعا؛ لأن الوهم يبرزهما فى معرض المثلين والوهم قوة مدركة لمعان جزئية فتقطع الشخص عنهما وتجردهما فيحصل الجامع؛ وإنما أبرزهما فى معرض المثلين لتقاربهما؛ فيتوهم أنهما مثلان؛ ولذلك أنكرت الفلاسفة التضاد بينهما - كما سبق - كما تقول: صفرة الذهب تسر وبياض الفضة ينفع، ولذلك حسن الجمع بين الثلاثة فى قوله:

ثلاثة تشرق الدّنيا ببهجتها ... شمس الضّحى وأبو إسحاق والقمر (١)


(١) البيت من البسيط، وهو لمحمد بن وهيب فى الأغانى ١٩/ ٧٩، ٨٠، وفيه:" ببهجتهم" بدل" ببهجتها"، وهو لأبى تمام فى شرح عقود الجمان ص ١٨٧، وبلا نسبة فى تاج العروس ٢٥/ ٥٠٠ (شرق).

<<  <  ج: ص:  >  >>