إمّا عقلىّ: بأن يكون بينهما اتحاد فى التصوّر أو تماثل؛ فإنّ العقل بتجريده المثلين عن التشخّص فى الخارج يرفع التعدّد بينهما،
ــ
بكرة النهار، والآخر فى آخره مثلا، فليس مما نحن فيه ثم هو مثال لاتحاد القيد مع عدم الجامع فى المسند، وهذه الأمثلة كلها مما تعرفك أن قول السكاكى يكفى الاتحاد فى المسند أو المسند إليه، أو القيد على حقيقته كما تقدم.
ص:(أو تماثل إلى آخره).
(ش): هذا النوع الثانى من الجامع العقلى وهو أن يكون الجامع فى المسند أو المسند إليه التماثل والمثلان هما المتساويان فى الذاتيات؛ ولذلك حدهما أصحابنا بأنهما موجودان مشتركان فى الصفات النفسية، ومن لازم ذلك أنه يجب لكل منهما ويمتنع، ويجوز ما يجب للآخر ويمتنع ويجوز. (قوله: فإن العقل إلى آخره) تعليل لكون التماثل جامعا، أى الجامع بالحقيقة إنما هو الاتحاد؛ لأن المثلين متحدان بالذات؛ لأن العقد يجرد المثلين عن التشخص فى الخارج برفع العوارض المقتضية للتعدد، فيرجع الاتحاد، ثم هذا التماثل إما فى المسند إليه فقط أو فى المسند فقط أو فى قيد من قيودهما على الأقسام السابقة فى الاتحاد فى التصور، وإذا تأملت ما سبق من الأمثلة أمكنك سلوك ما يناسب هذا المقام، مثال التماثل فى المسندين: زيد يعطى وزيد يعطى، أو هو يعطى، فإن المسند إليه متحد لا متماثل والمسند متماثل إذا أردت بالإعطاء الثانى غير الإعطاء الأول، فالاتحاد هنا فى المسند إليه بالشخص وفى المسند بالنوع، ولا شك فى سلوك هذا الوصل إذ لو ترك لتوهم أن الثانى هو الأول وأنه تأكيد، وقد قال الزمخشرى فى قوله تعالى: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا (١) معناه: كذبوا تكذيبا فى أثر تكذيب وهو عين ما قلناه، ومثال التماثل فى المسند إليه زيد يعطى وأخوه يمنع أو زيد يعطى وعمرو يمنع وإن لم يكن بينهما علقة؛ لأن ما علل به من رفع التماثل يقتضى أن أفراد الإنسان كلها يلازم الجامع كل اثنين منها، وهذا ما قدمناه أن كلام المصنف السابق مناف له؛ لأنه شرط فى الاتحاد أن يكون بين زيد وعمرو مناسبة لا يقال: تحمل المماثلة على المشابهة فى العوارض؛ لأمرين أحدهما: أنه خلاف ما صرحوا به كلهم، والثانى: أن تلك المشابهة إذا وقعت لا تتحد الحقيقة؛ بل يرجعان إلى التماثل بالذات، ومثال التماثل فيهما: زيد يعطى