المناسبة والاتحاد حينئذ فى المسند بل قد يحصل الاتحاد فى المسند وفى قيد المسند إليه كقولك: خفى ضيق وخاتمى ضيق. حيث لم يتقدم للخف ذكر وهذا هو الذى أشار السكاكى إلى امتناعه إذا تقرر ذلك، فاعلم أن المصنف اختار أنه لا بد فى الجامع من الاتحاد فى المسند إليه والمسند إما حقيقة أو مجازا بأن يكونا مجتمعين فى الفكرة على ما سيأتى، ونقل السكاكى أنه قال فى موضع من المفتاح: أنه يكفى اتحادهما فى المسند أو المسند إليه أو فى قيد من قيودهما، ثم أنكر عليه وقال: إنه منقوض بنحو: هزم الأمير الجيش يوم الجمعة وخاط عمرو ثوبى فيه. قال: ولعله سهو، فإنه صرح فى موضع آخر منه بامتناع خفى ضيق وخاتمى ضيق مع اتحادهما فى المسند، وأجاب الطيبى والخطيبى عن السكاكى بأنه موافق على أنه لا بد من الاتحاد فى المسند والمسند إليه، وأن قوله: يكفى الاتحاد فى أحدهما يريد أن الاتحاد فى أحدهما جامع لكنه ليس بمعتبر، قلت: هذا الجواب لا يصح
لأنه إنما تكلم فى الجامع المرعى المعتبر، ومن وقف على كلامه تحقق ما قلناه، ولكن السؤال لا يرد وجوابه ما استثناه من القاعدة، فإن السكاكى حيث قال: يكفى الاتحاد فى إحداهما، أراد حيث وجد التناسب الخيالى أو العقلى أو الوهمى فيهما، وحيث قال: إن خفى ضيق وخاتمى ضيق ممتنع أراد حيث لا يجتمع الخف والخاتم فينبغى المناسبة حينئذ كما يعلم بالبديهة من وقف على كلامه فإنه فرض الأمر فيما إذا جرى ذكر خواتيم ولم يتقدم للخف ذكر فالامتناع هنا ليس لعدم الاتحاد فى المسند والمسند إليه بل لعدم الجامع فإن الجامع هو المرعى كما قررناه، وليت شعرى أين اتحاد المسند والمسند إليه فى مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ (١) فالمسندان المس والمجئ والمسند إليهما الضر والأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، والمناسبة فيه كالشمس، فإن قلت: مس الضر والمجئ ببضاعة مزجاة متحدان، قلت: إنما ذلك من قيود المسندين، وإن سلمناه فأين اتحاد المسند إليه؟ فالحق ما قلناه، وكذلك: كان زيد يعطى وعمرو يمنع، متحدين فى الطرفين كما سأبينه، وهو لا يجوز عند المصنف، وقوله منتقض بنحو: هزم الأمير الجيش اليوم وخاط عمرو ثوبى فيه، قلنا: إن هذا المثال قد يحسن وصله بأن وقع ذكر ما اتفق فى هذا اليوم، ولذلك كان