للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

سيأتيك دليله - إن شاء الله تعالى - غير أن هذه المناسبة المذكورة لها سبب ومظنة، أما سببها فاجتماعهما فى القوة المفكرة بطريق العقل أو الوهم أو الخيال وأما مظنتها فحصول الاتحاد إما حقيقة أو بتأويل قريب أو بعيد، وأنت تعلم أن المظنة غير ملازمة للمظنون فربما تخلف عنها وتخلفت عنه فقد يحصل التناسب والاتحاد فى الطرفين، كقولك: يعطى زيد ويمنع وقد يحصل التناسب المفضى إلى الاجتماع فى المفكرة وإن لم يتحدا فى

الطرفين بل فى المسند إليه كمن ذكر فى مجلسه الحركة والبياض فتقول له:

الحركة عرض نقلة والبياض لون صفته كيت وكيت، فالتناسب هنا موجود والوصل حسن ولم يقع الاتحاد فى المسند؛ إنما حصل الاتحاد فى المسند إليه بالجامع الخيالى، وهو اجتماعهما فى أن كلا منهما مسئول مذكور فى المجلس، وكذلك قد يحصل التناسب مع الاتحاد فى المسند فقط ومثاله أن يأخذ الشخص فى ذكر ما وقع فى هذا اليوم من الأفعال، فيقول: انطلق زيد واستوى الطعام، فهذا وقع فيه التناسب فى المسندين لأنهما مسئول عنهما ولا تناسب فيه بين المسند إليهما؛ لأن السؤال واقع عن الأفعال لا عن الفاعلين، ومن وقع الاتحاد فى أحد الطرفين ولا تناسب قولك: السكوت يعجبنى والحركة عرض نقلة. وقولك: جالينوس ماهر فى الطب وأخوه رأيته أمس وغزر الماء فى البئر وغزر علم زيد. وهو كثير بخلاف الأول، وقد يقع الاتحاد فى الطرفين ولا تناسب كقولك: انظر إلى علم زيد وانظر إلى هذا القطع الذى فى ثوبك. على ما اقتضاه كلام المصنف صريحا فى آخر الكلام على الجامع الخيالى، وكقولك: زيد أخوك وعمر وصاحبك. فإنه لا يجوز كما اقتضاه كلام ابن الزملكانى فى التبيان، وفيهما اتحاد المسند والمسند إليه كما سأبينه فى قولنا: زيد يعطى وعمر يمنع. حيث لا مناسبة بينهما فإنهما متحدان فى الطرفين كما سأقرره على خلاف ما زعم المصنف، وهو غير سائغ كما ذكره المصنف إذا تقرر ذلك فحيث لا اتحاد فى شئ فلا سبيل إلى التناسب، فيجب الفصل مثل: جالينوس طبيب والماء فى البئر. وحيث حصل الاتحاد فى أحدهما فتارة تقع المناسبة وتارة لا تقع، وقد يقع فى المثال الواحد الاتحاد فى الطرفين وعدمه فيوصل ويفصل فإذا جرى فى مجلس ذكر ما عند زيد من الأشياء الضيقة، فتقول: الخاتم ضيق والخف ضيق. وقع الاتحاد فى الطرفين وذلك حسن، وإن جرى ذكر الخاتم فقلت: الخف ضيق والخاتم ضيق لم يحسن لعدم

<<  <  ج: ص:  >  >>