المصنف هنا مقتصرا على قوله بشرط الاتحاد للطرفين، ولكنه سيذكر اشتراط الجامع موافقا عليه، فمعناه بشرطه، وحيث اتضح ذلك فاعلم أن الاتحاد هنا ليس على حقيقته فإن اتحاد الشيئين بمعنى أنهما يصيران شيئا واحدا مستحيل، لأن الشيئين لا يتداخلان، ولكن المراد أن الشيئين فى الصورة أو فى اللفظ يكونان متحدين فى المعنى، ولا شكّ أن هذه الأقسام الأربعة من الاتحاد فيهما أو فى المسند أو المسند إليه أولا فى واحد منهما كل من طرفى الإسناد فيهما متعددة، فتارة يكونان ظاهرين، مثل: رضى زيد وغضب زيد، يريد زيدا آخر فإنهما وإن اتفق لفظهما فهما مختلفان بالشخص أو اختلفا بالحروف مثل: غضب عمرو ورضى سيبويه، وتارة يكونان ضميرين مثل: زيد يعطى ويمنع، وتارة يكون الأول ظاهرا والثانى ضميرا مثل: أعطى زيد ومنع، وتارة عكسه مثل: زيد أعطى ومنع أبوه إذا عرف هذا، فقول المصنف: الجامع بينهما، أى:
بين الجملتين وقوله: يجب أن يكون باعتبار المسند إليهما والمسندين أى يجب أن يكون مستقرا باعتبارهما أى باعتبار اتحادهما ولا يلزم من ذلك أن يكون يريد أن اتحادهما هو نفس الجامع بل الجامع يحصل بالاتحاد والباء للمصاحبة، أى: مع الاتحاد ويصح جعلها للسببية، فإن العلم بالجامع يحصل بسبب الاتحاد، فإن قلت: التناسب بين
الشيئين كيف يكون باتحادهما، والاتحاد ينافى التعدد الذى هو لازم المناسبة؟ قلت:
المراد التناسب فى المعنى بين المسند إليهما مثلا ولا مناسبة بين المسند إليهما أعظم من كونهما سببا واحدا هذا بالنسبة إلى الاتحاد الحقيقى أما بالنسبة إلى الاتحاد الاعتبارى - على ما سيأتى - فالجواب واضح فإن قلت: كلامهم هنا يقتضى أن الاتحاد شرط وسيأتى أن الجامع قد يكون الاتحاد وقد يكون غيره، قلت: المراد هناك الاتحاد الحقيقى وهنا الاتحاد أعم من الحقيقى والاعتبارى.
(تنبيه): خص المصنف الاتحاد فى المسند إليه والمسند وبقى قسم وراء ذلك وهو أن يتحد المسند إليه فى إحداهما مع المسند فى الأخرى مثل: الإيمان حسن والقبيح الكفر فالجامع هنا إنما هو بين المسند إليه والمسند فى الأولى والمسند إليه والمسند فى الثانية وهذا وارد عليهم أجمعين.
ثم إن المصنف أهمل الاتحاد فى قيد المسند أو قيد المسند إليه فلا بد من تقسيم محيط بجميع أقسام الاتحاد الحقيقى وقس عليه غيره فنقول: الاتحاد الحقيقى سواء أكان